الايات فيه أن رؤيا الأنبياء وحي وجواز نسخ الفعل قبل التمكن وتقديم المشيئة في كل قول، واستدل بعضهم بهذه القصة على أن من نذر ذبح ولده لزمه ذبح شاة، واستدل بقوله بعد وبشرناه بإسحاق من قال إن الذبيح إسماعيل أو إسحق جماعة أنه إسماعيل واحتجوا له بأدلة منها وصفه بالحلم وذكر البشارة بإسحاق بعده والبشارة بيعقوب من وراء إسحاق وغير ذلك وهي أمور ظنية لا قطعية، وتأملت القرآن فةجدت فيه ما يقتضي القطع أو يقرب منه ولم أر من سبقني إلى استنباطه وهو أن البشارة مرتين مرة في قوله:{ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ، رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ، فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}
فهذه الآية قاطعة في أن المبشر به هو الذبيح وقوله:{وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} الآية.
فقد صرح فيها أن المبشر به إسحاق ولم يكن منسؤال إبراهيم بل قالت امرأته إنها عجوز وإنه شيخ وكان ذلك في الشام لما جاءت الملائكة إليه بسبب قوم لوط وهو في أواخر أمره، وأما البشارة الأولى لما انتقل من العراق إلى الشام حين كان سنه لا يتغرب فيه الواد ولذلك سأله فعلمنا بذلك أنهما بشارتان في وقتين بغلامين أحدهما بغير سؤال وهو إسحق صريحاً والثانية قبل ذلك بسؤال وهو غيره فقطعنا بأنه إسماعيل وهو الذبيح.
١٠٧- قوله تعالى:{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}
فسر في الأحاديث والآثار بكبش، فاستدل به المالكية على أن الغنم في الضحية أفضل من الإبل.