ووجوب الرجوع إذا لم يؤذن له وتحريم الدخول إذا لم يكن فيها أحد، ويستفاد من هذا تحريم دخول ملك الغير والسكنى فيه وشغله بغير إذن صاحبه فيدخل تحته من المسائل والفروع ما لا يحصى، وقوله:{وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}
هو بيان لكيفية الاستئذان فقد أخرج أحمد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استأذن على سعد فقال السلام عليكم وأخرج أبو داود عن عبد الله بن بشر قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر فيقول:"السلام عليكم السلام عليكم" وأخرج أيضاً عن رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أألج؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخادمه:"أخرج وعلمه الاستئذان فقل له قل السلام عليكم أأدخل" وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أيوب قال قلت يا رسول الله هذا السلام فما الاستئناس قال: "يتكلم الرجل بتسبيحة وتكبيرة وتحميدة ويتنحنح فيؤذن أهل البيت" حديث غريب، واستدل بالآية الأكثر على الجمع بين الاستئناس والاستئذان والأقل على تقديم الاستئناس على السلام لتقديمه في الآية وأجاب الأكثر بأن الواو لا يفيد ترتيبا وبأنه قرئ "حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا" كذا هو في مصحف ابن مسعود وقد بينت السنة تقديم السلام واستدل بها أيضا من قال له الزيادة في الاستئذان على ثلاثة حتى يؤذن له أو يصرح بالمنع وفهم من الآية أن الرجل لا يستأذن عند دخول بيته على امرأته.
فسرها سعيد بن جبير وابن الحنيفة وآخرون ببيوت التجارة الخانات والأسواق أو منازل الأسفار واختاره ابن جرير لأن جلوسهم فيها للبيع بمثابة الإذن لكل داخل فاستدل الفقهاء بها على جواز الدخول في مثل ذلك بلا إذن وفي بيوت يجلس فيها الحكام والمفتون برسم الفصل بين الخصوم والإفتاء وقد فهم من الآية تحريم النظر كما قال - صلى الله عليه وسلم - "إنما جعل الاستئذان من أجل النظر" ثم صرح به تعالى فقال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}
ففيها تحريم النظر إلى النساء وعورات الرجال وتحريم كشفها أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال كل شيء في القرآن من حفظ الفروج فهو من الزنا إلا هذه الآية والتي بعدها فهو أن لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة.