للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتأمل هذا السؤال، واجمع قلبك وذهنك على جوابه ولا تستهونه، فإنه به يحصل الفرق بين: المشركين والموحدين، والعالمين بالله والجاهلين به، وأهل الجنة وأهل النار - ثم أخذ يتحدث الشيخ عن أنواع الشرك الأكبر والأصغر ظاهره وباطنه في الربوبية والألوهية إلى أن قال:

"إذا عرفت هذه المقدمة انفتح لك الجواب عن السؤال المذكور؛ فنقول، ومن الله وحده نستمد الصواب.

حقيقة الشرك: هو التشبه بالخالق والتشبه للمخلوق به، هذا هو التشبيه في الحقيقة، لا إثبات صفات الكمال التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله، فعكس الأمر من نكس الله قلبه، وأعمى بصيرته، وأركسه بكسبه، وجعل التوحيد تشبيهاً، والتشبيه تعظيماً وطاعة، فالمشرك مشبه للمخلوق بالخالق في خصائص الإلهية.

فإن من خصائص الإلهية: التفرد بملك الضر والنفع والعطاء والمنع، وذلك يوجب تعليق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل به وحده، فمن علق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق، وجعل ما لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً - فضلاً عن غيره - شبيهاً لمن له الأمر كله، فأزمة الأمور كلها بيديه، ومرجعها إليه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، بل إذا فتح لعبده باب رحمته لم يمسكها أحد، وإن أمسكها عنه لم يرسلها إليه أحد.

فمن أقبح التشبيه: تشبيه هذا العاجز الفقير بالذات بالقادر الغني بالذات.

ومن خصائص الإلهية: الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده، والتعظيم والإجلال والخشية والدعاء والرجاء والإنابة والتوبة والتوكل والاستعانة. وغاية الذل مع غاية الحب، كل ذلك عقلاً وشرعاً وفطرة أن يكون له وحده، ويمتنع عقلاً وشرعاً وفطرة

<<  <   >  >>