للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال القاضي عياض - رحمه الله -: (وهذا كلام حسن مليح، وليس فيه دليل على الاستحالة إلا من حيث ضعفُ القدرة، فإذا قوَّى الله من يشاء (١) من عباده وأقدره على حمل أعباء الرؤية لم يمتنع (٢) في حقه. وقد عُرف (٣) من قوة بصر موسى ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ونفوذ (٤) إدراكهما بقوةٍ إلهيةِ مُنحاها لإدراكِ (٥) ما أدركاه، ورؤية ما رأياه، والله أعلم) (٦).

وبالجملة: ليست في الآيات نصٌّ بالمنع، وقول مَنْ قال: رآه بعينيه (٧) إنَّما بناه على اعتقاده باجتهاده (٨)، ولم يسنده إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. والأحاديث مضطربةٌ في المعنى؛ لتعارضها، وفي الإسناد؛ لضعفها، والتأويل ليس قاطعاً بشيء، وحديث أبي ذر - رضي الله عنه - في صحيح مسلم لمَّا سأله عنها، قال (٩): "رأيت نوراً"، ورُوي: "نورٌ أَنَّى أراه" (١٠)، فقد


= لأن بصر موسى من الأبصار التي كتب الله عليها الفناء في الدنيا، فلا تحمل النظر إلى نور البقاء، فإذا كان يوم القيامة رُكَّبت الأبصار والأسماع للبقاء، فاحتملت النظر إلى الله - عز وجل - بما طوقها الله).
(١) في (ظ) والشفا: (من شاء).
(٢) في الشفا: (لم تمتنع).
(٣) في الشفا: (وقد تقدّم ما ذكر في قوة بصر موسى ومحمد ...).
(٤) في (ظ) و (ن): (ونفود).
(٥) في (ن): (الإدراك).
(٦) نقله المؤلف بالنص من الشفا للقاضي عياض (١/ ٢٦٣).
(٧) في (ظ) و (ن): (بعينه).
(٨) مسألة رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه - عز وجل - من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين أهل السنة والجماعة.
(٩) في (ظ) و (ن): (فقال)
(١٠) أخرج اللفظين مسلم في الإيمان، باب في قوله - عليه السلام - نور أنى أراه، وفي قوله: رأيت نوراً (١/ ١٦١) رقم (١٧٨) من حديث أبي ذر - رضى الله عنه -.
أما الأوّل فعن عبد الله بن شقيق قال: قلت لأبي ذر: لو رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسألته، =

<<  <   >  >>