للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= للجاحظ.
القول الثالث: أن المجتهد المخطئ في الأصول معذور إذا كان من المسلمين، وهو منسوب لعبيد الله بن الحسن العنبري، وينسب أيضاً إلى كثير من السلف وأئمة الفتوى.
وما ذكره المؤلف - رحمه الله - من أن الخطأ في الأصول كفر، دون الخطأ في الفروع، أمر فيه نظر؛ لعدم انضباطه.
وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذلك في مجموع الفتاوى (٢٣/ ٣٤٦ - ٣٤٧) بقوله: (فإنه يقال لمن فرق بين النوعين: ما حد مسائل الأصول التي يكفر المخطئ فيها؟ وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع؟ فإن قال: مسائل الأصول هي مسائل الاعتقاد، ومسائل الفروع هي مسائل العمل. قيل له: فتنازع النَّاس في محمد - صلى الله عليه وسلم - هل رأى ربه أم لا؟ وفي أن عثمان أفضل من علي، أم علي أفضل؟ وفي كثير من معاني القرآن، وتصحيح بعض الأحاديث هي من المسائل الاعتقادية العلمية، ولا كفر فيها بالاتفاق، ووجوب الصّلاة والزكاة والصيام والحج وتحريم الفواحش والخمر هي مسائل عملية، والمنكر لها يكفر بالاتفاق.
وإن قال الأصول: هي المسائل القطعية، قيل له كثير من مسائل العمل قطعية، وكثير من مسائل العلم ليست قطعية، وكون المسألة قطعية أو ظنية هو من الأمور الإضافية، وقد تكون المسألة عند رجل قطعية لظهور الدليل القاطع له، كمن سمع النص من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتيقن مراده منه، وعند رجل لا تكون ظنية، فضلًا عن أن تكون قطعية لعدم بلوغ النص إياه، أو لعدم ثبوته عنده، أو لعدم تمكنه من العلم بدلالته).
كما ينبغي الإشارة إلى أن هناك أموراً تعلم من الدين بالضرورة بلا خلاف، وأموراً لا تعلم من الدين بالضرورة بلا خلاف، ويبقى بينهما أمور ومسائل تختلف حولها الأنظار والأفهام. ولذلك فإنه يمكن أن نقول: إن هذا التعبير - وهو تقسيم الدين إلى أصول وفروع يكفر المخطئ في الأوّل دون الثّاني - غير دقيق؛ لأننا لا نستطيع أن نضع حداً منضبطاً لا يختلف حوله.
وللاستزادة انظر: مجموع الفتاوى (١٣/ ١١٨)، (١٩/ ٢١١)، ومنهاج السنة (٥/ ٨٧ - ٩٥)، ومختصر الصواعق المرسلة (ص ٦١٣)، والبحر المحيط للزركشي (٦/ ٢٣٦)، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (٤/ ٤٨٨)، وشرح مختصر الروضة =

<<  <   >  >>