للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن أبا إسماعيل التّرمذيّ (١) حدَّثني قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل - رحمه الله - يقول: اللفظية (٢) جهمية (٣)، يقول الله تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦]، ممَّن يسمع (٤) (٥)؟. قال: ثم سمعت جماعةً


(١) هو محمّد بن إسماعيل بن يوسف السلمي التّرمذيّ، ثم البغدادي، أبو إسماعيل، الإمام الحافظ الثقة، ولد بعد سنة ١٩٠ هـ، سمع منه خلق، وجمع وصنف، وطال عمره، ورحل النَّاس إليه، قال الخطيب البغدادي: كان فهماً، متقناً، مشهوراً بمذهب السنة، توفي في رمضان سنة ٢٨٠ هـ.
انظر: سير أعلام النُّبَلاء (١٣/ ٢٤٢)، وتاريخ بغداد (٢/ ٤٢)، وتهذيب الكمال (٢٤/ ٤٨٩)، وتهذيب التهذيب (٩/ ٦٢)، وطبقات الحنابلة (١/ ٢٧٩).
(٢) اللفظية نوعان: لفظية نافية، وهم الجهمية، الذين يقولون: إن ألفاظنا وتلاوتنا للقرآن مخلوقة، وأن التلاوة غير المتلوِّ، والقراءة غير المقروء، وقد بين الإمام أحمد أن قولهم هذا يفضي إلى القول بخلق القرآن، وأول من قال بأن التلاوة مخلوقة حسين الكرابيسي، وداود الأصفهاني - وهم المقصودون هنا -.
لفظية مثبتة: وهم قوم من أهل السنة والحديث قابلوا النفاة فقالوا: تلاوتنا بالقرآن غير مخلوقة، وألفاظنا غير مخلوقة، وإن التلاوة هي المتلوّ، والقراءة هي المقروء، فردوا الباطل بباطل آخر.
انظر: الرسالة الكيلانية لشيخ الإسلام ابن تيمية ضمن الفتاوى (١٢/ ٣٧٢) وقد بحث شيخ الإسلام هذه المسألة في المجلد الثّاني عشر بحثاً وافياً، وانظر: البدء والتاريخ للمقدسي (٥/ ١٤٩).
(٣) ذكره عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتابه السنة (١/ ٦٥) رقم (١٨٢ - ١٨٥)، قال: سئل أبي - رحمه الله - وأنا أسمع عن اللفظية والواقفة؟ فقال: من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي. وقال مرّة أخرى: هم شر من الجهمية. وهو قول جهم، ثم قال: لا تجالسوهم. قال الذهبي في سير أعلام النُّبَلاء (١١/ ٢٨٩): قال أحمد بن زنجويه: سمعت أحمد يقول: اللفظية شر من الجهمية.
(٤) في صريح السنة: (فممن).
(٥) قال ابن تيمية في الفتاوى (١٢/ ٢٥٩): (قوله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} فيه دلالة على أنه يسمع كلام الله من التالي المبلغ، وأن ما يقرؤه المسلمون هو كلام الله).

<<  <   >  >>