للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مختصاً بالقرآن، بل كلُّ من كفر بشيءٍ ممّا يجبُ الإيمان به فقد كفر بالله (١)؛ لأنَّ الكفر بالله (٢) لا يتجزأ بالإجماع (٣)، بخلاف الفسق بالمعاصي فإنّه يتجزأ عند أهل السنة؛ ولهذا من تاب من ذنبٍ قبلت توبتهُ عندهم، وليست التوبة من جميع الذنوب شرطاً في صحة التوبة من الذنب الواحد خلافاً للمعتزلة (٤)، بخلاف الكفر؛ فإن التوبة من كلِّ كفرٍ شرطٌ في صحة التوبة منه بالإسلام إجماعاً، والله أعلم.


= الكبير مفتي الديار المصرية وعالمها، أبو عبد الله مولاهم المصري المالكي، ولد بعد سنة ١٥٠ هـ، قال ابن معين: كان من أعلم خلق الله برأي مالك، يعرفها مسألة مسألة، متى قالها مالك؟، ومن خالفه فيها؟. وكان ثقة صاحب سنة، توفي سنة ٢٢٥ هـ.
انظر: التاريخ الكبير للبخاري (٢/ ٣٦)، وترتيب المدارك (٤/ ١٧)، والديباج المذهب (ص ١٥٨)، وشجرة النور الزكية (ص ٦٦)، وحسن المحاضرة (١/ ٢٦٧)، وتهذيب الكمال (٣/ ٣٠٤)، وسير أعلام النُّبَلاء (١٠/ ٦٥٦)، والكاشف (١/ ٨٤).
(١) انظر الشفا للقاضي عياض (٢/ ١١٠٤).
(٢) (بالله) ليست في (ن).
(٣) قوله: (لأن الكفر بالله لا يتجزأ بالإجماع): لعلّ مقصوده بذلك يتضح بما قبله بأن من كفر بحرف من القرآن فقد كفر به كله، وكذلك من كذب رسولًا فقد كذب سائر المرسلين، ومع ذلك فإن الكفر يقابل الإيمان، والإيمان شعب وكذا الكفر شعب أيضاً.
(٤) هل التوبة من جميع الذنوب شرط في صحة التوبة من الذنب الواحد؟ أو هل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره؟. هذه المسألة اختلف فيها العلماء على قولين، وأصلها وسرها هو: هل التوبة تتبعض مثل المعاصي والذنوب، فيكون التائب تائباً من وجه دون وجه؟ كما ذكر ذلك ابن القيم - رحمه الله - في مدارج السالكين (١/ ٢٧٣ - ٢٧٦) حيث بين أن الراجح هو تبعض التوبة بقوله (١/ ٢٧٤): (والراجح تبعضها، فإنها كما تتفاضل في كيفيتها كذلك تتفاضل في كميتها. ولو أتى العبد بفرض وترك فرضاً آخر، لاستحق العقوبة على ما تركه دون ما فعله. فهكذا إذا تاب من ذنب وأصر على آخر؛ لأن التوبة فرض من الذنبين، فقد أدى أحد الفرضين وترك =

<<  <   >  >>