للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال (١) القابسيُّ (٢) حين سُئل عمَّن خاصم يهودياً، فحلف له بالتوراة، فقال الآخر: لعن الله التوراةَ، وشهد عليه بذلك شاهدٌ، ثم شهد آخر أنَّه سأله عن القصة (٣)؟ فقال: إنّما لعنتُ توراة اليهود؛ فقال أبو الحسن القابسيُّ (٤): الشّاهد الواحد لا يوجب القتل، والثّاني علَّق


= الآخر، فلا يكون ما ترك موجباً لبطلان ما فعل، كمن ترك الحجِّ وأتى بالصلاة والصيام والزكاة).
وقال أيضاً (١/ ٢٧٥): (والذي عندي في هذه المسألة: أن التوبة لا تصح من ذنب مع الإصرار على آخر من نوعه، وأما التوبة من ذنب مع مباشرة آخر لا تعلّق له به، ولا هو من نوعه فتصح، كما إذا تاب من الربا ولم يتب من شرب الخمر مثلًا، فإن توبته من الربا صحيحة. وأما إذا تاب من ربا الفضل ولم يتب من ربا النسيئة وأصر عليه، أو بالعكس، أو تاب من تناول الحشيشة، وأصر على شرب الخمر، أو بالعكس، فهذا لا تصح توبته. وهو كمن يتوب عن الزنى بامرأة وهو مصر على الزنى بغيرها غير تائب منها، أو تاب من شرب عصير العنب المسكر وهو مصر على شرب غيره من الأشربة المسكرة، فهذا في الحقيقة لم يتب من الذنب، وإنما عدل عن نوع منه إلى نوع آخر).
(١) في الشفا: (وقد سئل القابسيُّ عمن خاصم يهودياً فحلف له بالتوراة، فقال الآخر ....).
(٢) هو أبو الحسن علي بن محمّد بن خلف المعافري، القروي، القابسي، المالكي، الإمام الحافظ الفقيه، العلامة عالم المغرب، كان عارفاً بالعلل والرجال، والفقه والأصول والكلام، مصنفاً يقظاً ديناً، وكان ضريراً، ولد سنة ٣٢٤ هـ، توفي بالقيروان سنة ٤٠٣ هـ.
انظر: ترتيب المدارك (٧/ ٩٢)، والديباج المذهب (ص ٢٩٦)، وشجرة النور الزكية (ص ٩٧)، ووفيات الأعيان (٣/ ٣٢٠)، والوافي بالوفيات (٢١/ ٤٥٧)، وسير أعلام النُّبَلاء (١٧/ ١٥٨).
(٣) في الشفا: (القضية).
(٤) (القابسيُّ) ليست في الشفا.

<<  <   >  >>