للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(نبغت (١) طائفةٌ (٢) تستَّرت بالإسلام وهي تبطن عقائد الأوائل، فقالت: لا نفتقر في معرفة الله تعالى ولا في وجوب ذلك على [كلِّ] (٣) أحدٍ إلى شرع.

وقالت مؤكدةً لذلك: إن القول: بأن معرفة الله تعالى تقفُ على الشرع يبطل (٤) الشرع، وذلك أن نبيًّا لو عرض دعواه، وأظهر آيته، ودعا الخلق إلى النظر في قوله والإيمان به، وكان لا واجب إلا


= الإمام العلّامة، الحافظ القاضي، ولد في سنة ٤٦٨ هـ. سمع من خالد الحسن بن عمر، ومن طراد بن محمّد الريني. وحدث عنه عبد الرّحمن بن صابر، وأحمد بن سلامة الأبار. قال الذهبي: صنف وجمع، وفي فنون العلم برع، وكان فصيحاً بليغاً خطيباً، ثاقب الذهن، عذب المنطق، كريم الشمائل، ولي قضاء إشبيلية فحمدت سياسته. له مصنفات كثيرة، منها: عارضة الأحوذي، وأحكام القرآن، والعواصم من القواصم وغيرها. توفي في سنة ٥٤٣ هـ بمدينة فاس.
انظر: تذكرة الحفاظ (٤/ ١٢٩٤)، وسير أعلام النبلاء (٢٠/ ١٩٧)، والبداية والنهاية (١٢/ ٢٢٨).
(١) نبغ: بمعنى خرج، تقول العرب: نبغ الدقيق من خَصاص المنخل ينبُغ إذا خرج. ونبغ الشيء: ظهر، ونبغ فيهم النفاق إذا ظهر بعدما كانوا يخفونه، ونبغت لنا منك أمور، أي: ظهرت، وفشت.
انظر: لسان العرب (٨/ ٤٥٢ - ٤٥٣)، وتاج العروس (١٢/ ٦٣).
(٢) المقصود بهذه الطائفة هم الفلاسفة الإسلاميون؛ الذين تستروا بعقائد الفلاسفة القدماء السوفسطائيين، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية عقائد هؤلاء السوفسطائيين في مجموع الفتاوى (١٩/ ١٣٥).
وقد ذكر ابن العربي في كتابه قانون التأويل (ص ٦٤٨) ما يؤيد ذلك بعد ما ذكر أن العقول لا تستقل بإدراك العلم الشرعي، كما أنه لا يصح أن يأتي في الشرع ما يضاد العقل، حيث قال: (أما إنه نبعت طائفة أرادوا أن يلفقوا بين موارد الشرع وأغراض الفلاسفة، وادعوا أنها متلائمة).
(٣) في (ظ) و (ن) وليست في (ص).
(٤) في (ظ) و (ن): (تبطل).

<<  <   >  >>