للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب الشافعي وجمهور أصحابه وجماعة من علماء السلف رحمهم الله إلى أنه لا يكفّرُ [بها] (١) ما دام يعتقد وجوبها، وإنما يستوجب القتل كما يستوجبه المرتدُّ عن الإسلام.

وتأوّلوا الأحاديث على من ترك الصّلاة جاحداً لها (٢)؛ كما أخبر الله تعالى عن يوسف - عليه السلام - أنَّه قال: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [يوسف: ٣٧] (٣) ولم يكن تلبّس بكفرٍ، ولكن ترْكه ترْكَ (٤) ....................................


= وهو من تابعي أهل البصرة، ثقة في الحديث، وثقه أحمد بن حنبل، وأبو حاتم، وابن معين.
انظر: الجرح والتعديل (٥/ ٨١)، وتهذيب التهذيب (٤/ ٣٣٦).
(١) في (ص): (به)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.
(٢) الأحاديث الواردة في هذه المسألةُ علقت الكفر بترك الصّلاة، فمناط الحكم بالكفر فيها ترك الصّلاة، وقد يكون هذ الترك جحوداً، أو تهاوناً أو كسلًا. فمن قال إن تارك الصّلاة لا يكفر إلا إذا كان جاحداً لوجوبها، فقد جعل مناط الحكم في هذه المسألةُ غير ما حدده الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ثم إنّه على هذا التأويل لا فرق بين الصّلاة وغيرها، فلا تكون إقامتها عهداً وحداً يعرف به المسلم من الكافر؛ لأن من ترك شيئاً من شعائر الإسلام وفرائضه الظاهرة جحوداً لوجوبها فهو كافر بالإجماع، فجحد الوجوب لا يختص بالصلاة وحدها، مع أن الصّحابة - رضي الله عنهم - قد جعلوا ترك الصّلاة هو مناط الكفر دون بقية الأعمال. فعلم من كل هذا أنه لا اعتبار بقول من يخصص الترك بالجحود. وأخرج الخلال في أهل الملل والردة من كتابه الجامع (٢/ ٥٣٥) رقم (١٣٦٣) قولًا للإمام أحمد في تارك الصّلاة، حيث قال: (لا أعرفه إلا هكذا من ظاهر الحديث، فأمَّا من فسره جحوداً فلا نعرفه).
انظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٦١٤)، والدرر السنية في الأجوبة النجدية (٤/ ١٠٢)، ونواقض الإيمان القولية والعملية للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف (ص ٤٩٥ - ٤٩٦)، وضوابط التكفير للدكتور عبد الله القرني (ص ١٥٥ - ١٥٦).
(٣) في (ظ) و (ن): بدون قوله تعالى: {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [يوسف: ٣٧].
(٤) في (ظ): (نزل).

<<  <   >  >>