للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معاملاتهم، لكنه (١) يغلظ (٢) عليهم بوجيع الأدب، وشديد الزجر والهجر؛ حتى يرجعوا عن بدعتهم.

وهذه كانت سيرة الصدر الأول (٣) فيهم، فقد كان نشأ على زمن الصحابة - رضي الله عنهم - وبعدهم في التابعين من قال بهذه الأقوال من القدر (٤)، ورأي الخوارج (٥) والاعتزال، فما أزاحوا لهم قبراً، ولا قطعوا لأحد


(١) في الشفا: (لكنهم).
(٢) في (ن): (تغلظ).
(٣) (الأول): ليست في (ظ).
(٤) القدرية الغلاة الأولى فريقان:
الفريق الأول: أقروا بالأمر والنهي والثواب والعقاب، وأنكرو أن يتقدم بذلك قضاء وقدر وكتاب، وهؤلاء هم الذين نبغوا في عصر الصحابة، ورد عليهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - وغيرهما، وقد نص الأئمة على كفر هؤلاء؛ لإنكارهم علم الله تعالى.
الفريق الثاني: من يقر بتقدم علم الله وكتابه لكن يزعم أن ذلك يغني عن الأمر والنهي والعمل، وأنه لا يحتاج إلى العمل، وهؤلاء أكفر من أولئك، وأضل سبيلاً؛ لأن مضمون قولهم تعطيل الأمر والنهي، والحلال والحرام، والوعد والوعيد.
أما جمهور القدرية - وهم القدرية الثانية (المعتزلة) - فهؤلاء مبتدعة ضلال.
انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٢٨٨ - ٢٨٩).
(٥) أما الخوارج فهم محل خلاف ونزاع على قولين: أحدهما: أنهم ليسوا كفاراً، والثاني: أنهم كفار مرتدون. وجمهور الصحابة على عدم تكفيرهم، وهو أحد قولي مالك وأحمد.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٨/ ٥١٨): (فإن الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم، وإنما تنازعوا في تكفيرهم، على قولين مشهورين في مذهب مالك وأحمد، وفي مذهب الشافعي أيضاً نزاع في كفرهم)، وقال أيضاً: (فكلام علي - رضي الله عنه - في الخوارج يقتضي أنهم ليسوا كفاراً كالمرتدين عن أصل الإسلام، وهذا هو المنصوص عن الأئمة كأحمد، وغيره).

<<  <   >  >>