ةفي دفاعه عن الأئمة الأعلام من مؤسسي المذاهب الفقهية وكبار تلاميذهم وتابعيهم من أهل السنة والجماعة رأينا الإمام ابن تيمية - رحمه الله - يتخذ من المجاز سلاحاً للدفاع عنهم، وكان بعض المبطلين قد طعن فيهم، لأنهم وقفوا من بعض أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مواقف متباينة: بعضهم يقبل حديثاً وآخر يرده، بعضهم يصحح حديثاً وأخر يضعفه، بعضهم يفهم من حديث معنى، وأخر يخالفه. ولما كث اللغط حول هذه الظاهرة انبرى الإمام ابن تيمية اثابه الله، ووضع رسالة صغيرة الحجم جمة الفوائد اسماها "رفع الملام عن الأئمة الأعلام".
وبر أفيها ساحة الأئمة من مخالفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأدار دفاعه عنهم على عشرة أسباب. وفي السببين السادس والثامن ذكر الحقيقة والمجاز والاختلاف بين دلالتيهما ركيزة من ركائز الدفاع عنهم فقال في السبب السادس ما نصه:
" وتارة يكون مشتركاً، أو مجملاً، أو متدداً بين حقيقة ومجاز، فيحمله - أي الفقيه - على الأقرب عنده وإن كان المراد هو الآخر".
وفي السبب الثامن يستهل الحديث بتعارض الدلالات فيقول:
"اعتقاده - يعني الفقيه - أن تلك الدلالة قد عرضها ما دلَّ على أنها غير مراده".
مثل معارضة العام بخاص، أو المطلق بمقيد، أو الأمر المطلق بما ينفي الوجوب، أو الحقيقة بما يدل على المجاز، إلى - أخر - أنواع المعارضات، فإن تعارض دلالات الأقوال، وترجيح بعضها على بعض بحر خضم".