قال الشيخ:"وأوضح دليل على منعه في القرآن إجماع القائلين بالمجاز على أن كل مجاز يجوز نفيه، ويكون نافيه صادقاً في نفس الأمر. ويرتب على هذه المقولة مقولة أخرى فيقول:
"فيلزم من القول بأن في القرآن مجازاً أن في القرآن ما يجوز نفيه ولا شك أنه لا يجوز نفي شيء من القرآن".
ويستطرد فيضع شكلاً منطقياً على طريقة المناطقة في الاستدلال فيقول: "وطريق مناظرة القائل بالمجاز في القرآن هي أن يقال":
"لا شيء من القرآن يجوز نفيه، وكل مجاز يجوز نفيه، ينتج: لا شيء من القرآن بمجاز".
ويجزم - رحمه الله - بأن مقدمتى هذا الاستدلال صحيحتان ليثبت أن النتيجة صحيحة.
نقد هذا الكلام: -
وقع الشيخ هنا في عدة مبالغات أدت إلى فساد ما جزم به من أحكام وتقديرات:
أولاً: أنه أدعى إجماع القائلين بالمجاز على جواز نفيه. وحكاية الإجماع - هنا - مغلوطة. فالذين قالوا هذا هم الأصوليون في سردهم لأمارات المجاز - والأصوليون لا يؤخذ عنهم درس المجاز، لأن لهذا الفن رجالاً وفرساناً أخرين هم علماء البلاغة والبيان. أما الأصوليون فمع ما لهم من دقة وطرافة في مباحث المجاز فإن لهم - كذلك - تصورات لا يجاريهم عليها أحد من أرباب الصناعة وحذاقها. وقد ناقشنا كثيراً من تصوراتهم غير المسلمة في المبحث الخاص بهم في كتابنا "المجاز".
ومما لا نسأم تكراره أن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم،