نقصد بورود المجاز صريحاً بلفظه ومعناه أن ابن القيم تخطى مرحلة التأويل المجازي الصَّرف، إلى مرحلة ذكر المجاز والتصريح به بلا أدنى غموض، مريداً منه معناه الإصطلاحي عند علماء البيان، ولم يرد به شيئاً سواه ونقصد بحر كلامه أنه لم يذكر المجاز مجاراة ومحاكاة للقائلين به راداً عليهم ومبطلاً أقوالهم، ومما يدخل معنا في حر كلامه ما نقله هو عن غيره ثم ارتضاه ولم يعقب عليه بإنكار، أو يورد أدنى احتراس يفيد أنه مجرد محاكٍ لكلام غيره، إذا اتضح هذا نقول:
لقد ورد المجاز بالضوابط المذكورة كثيراً عند الإمام ابن القيم. وهاك البيان في إيجاز:
ابن القيم والسهيلي:
نقل الإملم ابن القيم نصوصاً عن السهيلي أكثر السهيلي فيها من ذكر المجاز والإستعارة، ومع تقد ابن القيم لبعص نصوص السهيلي من عدة وجوب لم يتعرض للرد عليه في استعماله للمجاز والاستعارة. بل رضي بما أورده عن السهيلي، ثم أنتقل من حالة الرضا إلى مرحلة الأعجاب والثناء البالغ، وهذه فقرات من كلام الإمام ابن القيم ممزوجة بكلام السهيلي:
"قال السهيلي: إذا عَلمت هذا فاعلم أن العين اضيفت إلى الباري من قوله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} حقيقة لا مجازاً كما توهم أكثر الناس؛ لأنه صفة في معنى الرؤية والإدراك، وإنما المجاز في تسمية العضو - يعني العين - بها، وكل شيء يوهم الكفر والتجسيم فلا يضاف إلى الباري تعالى لا حقيقة ولا مجازاً، ألا ترى كيف لم يضف - سبحانه - إلى نفسه ما هو في معنى عين الإنسان كالمقلة والحدقة