هذا هو كلام الشيخ. ومن يرجع إلى كلام البيانيين من بلاغيين ومفسرين وغيرهم يجد أن الشيخ أخذ كلامهم وسار على هداه وحذف منه ما ينفع ذكره ويضر حذفه ثم ادعى أنه لم يذهب مذهبهم، وليس في كلامه جديد لم يقولوه. فارجع مثلا إلى ما كتبه الإمام جار الله، وما كتبه صاحب الطراز وقارن بين ما قالاه وما قاله هو، واسأل نفسك: هل خرج الشيخ فعلا عما قاله البيانيون اللذين رفض طريقتهم منذ قليل.
نجاريه ... ثم نلزمه بما فرضه:
وإذا جارينا الشيخ - جدلا وسلمنا أن كلامه غير ما عليه البيانيون. فإن كلامه ملزم له بالقول بالمجاز دري أم لم يدر. رضي أم لم يرض.
ففي كلامه قد صرح بأن آثار الجوع والخوف المحيطة بهم شبهت باللباس. وعبارته هي:"لأن أثار الجوع والخوف تظهر على أبدانهم، وتحيط بها كاللباس". هي نص قاطع في الحمل على المجاز. ولن يفيده - هنا - أي اعتذار. فما الذي بقي من المجاز - هنا - سوى التسمية.
نوع الاستعارة في هذا الكلام:
لا نزاع أن في الآية استعارة شبهت فيها الآثار المترتبة على الجوع والخوف باللباس، بجامع الإحاطة وشدة الإحساس في كل. وهي استعارة تصريحية أصلية لوقوعها في اسم الجنس. من قبيل استعارة المحسوس للمعقول كما يرى بعض البلاغيين. أو استعارة المحسوس للمحسوس على رأي بعض منهم ويجوز حملها على الاستعارة التمثيلية التي شبهت فيها هيئة بهيئة وصورة بصورة. وهذا ما أميل إليه.