بعد عَصْرَيي الإمام ابن تيمية وابن القيم بنهاية النص الأول من القرن الثامن الهجري (٧٥١) توقف الجدل حول إنكار المجاز، قلم يعُدْ أحد متحمساً لإنكاره، ولا أحد كتب في إنكاره مصنفاً منفرداً، ولا أعلن - رأياً ولو مختصراً فيه يفيد إنكاره للمجاز، بيد أن بعض الكاتبين في علوم اللغة كـ الإمام السيوطي، أو علوم القرآن كبدر الدين الزركشي حكوا الخلاف السابق فيه، بدءاً من عصور دواد الظاهري وابنه محمد أبي بكر، وأبي إسحاق الاسفرائيني، وسعيد بن منذر البلوطي وكذلك صنع مثلهما علماء أصول الفقه.
وقد أطبقوا - جميعاً - على حكاية الخلاف، وذكر شبهات المنكرين ثم الرد عليها، معلنين في النهاية اقرارهم بوقوع المجاز في القرآن الكريم خاصة، وفي اللغة العربية عامة ومما قاله بدر الدين الزركشي في الرد على منكري وقوع المجاز في القرآن.
"من أسقط المجاز من القرآن أسقط شطر الحسن".
هذه العبارة وإن كان ظاهرها غير مراد فإن فيها إشارة لوظيفة المجاز في البيان الرفيع، وأثره في الوفاء بحق المعنى وقوة تأثيره في النفوس حين يقتضيه المقام. والقرآن أكثره حقائق لغوية لا مجازات، وهذا أمر بديه لا ينازع فيه.
ظل السكوت عن إنكار المجاز طوال خمسة قرون ونصف القرن من وفاة ابن القيم إلى أن وضع الشيخ الشنقيطي رسالة في منع المجاز في القرآن في غضون القرن الثالث عشر الهجري، أطلق عليها: