هذه الأمثلة التي ذكرها هي بعينها التي يمثل بها علماء البيان فيما يمثلون للمجاز العقلي. وقد طفق الرواد الأوائل يرددون هذه المثل قبل ارساء قواعد علوم البلاغة على أنها من الاتساع في اللغة. والتأويل المجازي فيها ظاهر وإن أمسك الشيخ عن التسمية.
حجاباً مستوراً:
قال رحمه الله في تفسير هذه الآية ما نصه:
"قال بعض العلماء هو من إطلاق اسم المفعول وإرادة اسم الفاعل أي حجاباً ساتراً. وقد يقع عكسه كقوله تعالى:{مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} أي مدفوق. {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي مرضية فاطلاق كل من اسم الفاعل واسم المفعول، وإرادة الآخر اسلوب من أساليب اللغة العربية. والبيانيون يسمون مثل ذلك الإطلاق: مجازاً عقلياً ... ".
وقفة مع هذا الكلام:
ها هو ذل الشيخ رحمه الله لم يستغن عن التأويل المجازي في الكشف عن المراد من هذه الآية الكريمة. فأقر ثلاثة تأويلات مجازية في القرآن.
مستور بمعنى ساتر، ودافق بمعنى مدفوق، وراضية بمعنى مرضية.
ارتضى هذا التأويل وهو يدرك تماماً بم يسميه البيانيون ولكنه نحا إلى تسميته أسلوباً من أساليب اللغة العربية وهذه التسمية لا تمنع تسمية أدق منها وأضبط، وهي المجاز العقلي. ومعلوم عند النظار أن هذا خلاف لفظي ليس له محصول. فالشيخ إذن مقر بالمجاز. وفيم؟ في القرآن العظيم الذي اجتهد في وسالته السابقة أن ينفي عنه المجاز فلم يستطع إلا ترك التسمية.