إلى الله في مواضع، ثم إلى الشيطان في مواضع أخرى، كما أسندت إلى فاعليها من العباد أحيانأً، أو يُبني الفعل للمفعول ويُطوى ذكر فاعله.
فمن الإسناد إلى الله - سبحانه - قوله تعالى في سورة الأنعام آية (١٠٨){كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} ومن الإسناد إلى الشيطان قوله تعالى في سورة العنكبوت آية (٣٨){وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ..} ومن الإسناد إلى العبد قوله تعالى في سورة يوسف آية (١٨){بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا ... } ومن الإسناد إلى المجهول قوله تعالى في سورة فاطر آية (٨){أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ... } .
وقد عهرض العلامة ابن القيم لتوجيه اختلاف الإسناد في هذه المواضع فقال:
"فاضاف التزيين إليه - سبحانه - خلقاً ومشيئة ونسبه إلى سببه - يعني الشيطان - ومن أجراه على يديه تارة".
أما الإسناد إلى العبد فلإنه أحب تزيين الشيطان. وردت هذه التأويلات المجازيو لالرد على القدرية الذين يمنعون غسناد ما فيه قبح إلى الله، ويدفع هذا القول بأنها من الشيطان ومن العبد قبيحة. أما من الله فلا قبح لأنه فعله عقاباً فهو منه جميل.
ولا ريب أن إسناد التزيين إلى الله حقيقة إذ هو خالقه ومشيؤه كما يقول العلامة نفسه في الموضع المشار إليه من كتابه: شفاء العليل.
أما الإسناد إلى الشيطان فلإنه سبب داع ومؤثر أما العبد فلإنه مباشر للفعل.
والإسناد إلى الشيطان والعبد إسناد مجازي عقلي حيث جُعِل غير الفاعل فاعلاً، وهذا هو المجاز العقلي عند علماء البيان، فلم يترك ابن القيم إلا تسمية هذا التأويل مجازاً.