فقد استعير السلخ للإزالة لما يترتب على كل منهما من الكشف والإيانة وإحلال شيء محل آخر وقد ورد الإنسلاخ في مثل الذي آتاه الله آياته فأعرض عنها وضل {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} الأعراف (١٧٥) وكانت هذه الآية مما تناوله العلامة ابن القيم بالتأويل فقال:
"فانسلخ منها: اي خرج كما تنسلخ الحية من جلدها وفارقها فراق الجلد يسلخ عن اللحم ... ".
وهذا الكلام على قصره دقيق رائع، وفيه يؤول الإمام الإنسلاخ تأويلاً مجازياً مفضياً إلى الاستعارة التصريحية التبعية كما صنع البلاغيون في الآية السابقة. فابن القيم مثلهم إلا أنهم يصرحون بالمجاز اللغوي الاستعاري فيها. وهو يقف عند التأويل المجازي ولا يصرح.
ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك:
ظتهر هذه الآية النهي عن ربط اليد بسلسلة من حديد - الغُل - وشدها إلى العنق بإحكام حتى لا تستطيع حراكاً.
وليس هذا الظاهر مراداً عهند جميع علماء الأمة: سلفاً وخلقاً. وقد قال فيه العلامة ابن القيم صارفاً له عن ظاهر معناه الذي بينَّاه:
"شبه الإمساك عن الانفاق باليد إذا غُلَّتْ إلى العنق، ومن هنا قال الفراء: "إنَّا جعلنا في أعناقهم أغلالاً": حبسناهم عن الانفاق".