أما الشيخ الشنقيطي فبعد ممارسة الصروفات والتلأويلات فإنه يضع مثل الإمام ابن القيم شرطاً للصرف والتأويل في نصوص الوحي فيقول:
"وحمل نصوص الوحي على مدلولاتها اللغوية واجب إلا لدليل يدل على تخصيصها أو صرفها عن ظاهرها المتبادر منها كما هو مقرر في الأصول".
ورود المجاز صريحاً في أخر كلامه:
الشيخ الشنقيطي أكثر حيطة من سابقيه في تجنب ذكر المجاز صريحاً بلفظه ومعناه في حر كلامه. ومع تلك الحيطة فإن المجاز يقفز من ذهنه أحياناً ويتخذ لنفسه مكاناً بين كلماته المكتوبة على كره منه.
وقد ورد هذا في كتابه الأضواء مرات. ومنها ما سبق ذكره حول النكاح أحقيقة هو في العقد مجاز في الوطء أم عكسه.
ومنها قوله في موضوع آخر، وهو يقرر أن المسح قد يأتي بمعنى الغسل. ثم يقول:
"وليس من حمل المشترك على معنييه، ولا من حمل اللفظ على حقيقته ومجازاه".
فهذا اعتراف منه بالمجاز، وقد تابع في هذا التعبير كلا من الإمامين ابن تيمية وابن القيم من قبل.
هذا وقد بقي أمر مهم فقد ذكر الشيخ عبد الرحمن السديس أحد أئمة الحرم المكي الشريف في كتاب ترجم فيه للشيخ الشنقيطي بأن له كتاباً في علم البيان كان يقوم بتدريسه في جامعة أم درمان وأنه نحا فيه منحى البلاغيين في الإقرار بالمجاز في اللغة وفي القرآن الكريم. وأنه لم ينكر المجاز إلا في أخريات حياته لما استقر به المقام في مدينة "الرياض" بالمملكة العربية السعودية.