للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السحرة لما قالوا: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} ١ قال فرعون: {آمَنْتُمْ بِهِ} ٢أي آمنتم برب العالمين. وقيل: إن الضمير في (به) يعود إلى موسى كما في قوله: {آمَنْتُمْ لَهُ} ٣ ولكن ليس معناها واحداً، بل في الإيمان به معنى زائد على الإيمان له٤، وهو الطاعة والانقياد والإقرار، وكلا المعنيين يصح هنا؛ لأن موسى - عليه السلام - ادعى الرسالة لنفسه وهو صادق في دعواه فصح أن يقال: أصدقتموه في قوله؟، وأن يقال: أصدقتموه وأطعتموه وأقررتم به؟. بخلاف من يدعى الرسالة لغيره كمن قال: موسى رسول الله، صح أن يقال آمنت لمن قال هذا، ولا يقال: آمنت بمن قال هذا من المؤمنين. ففرق بين المتعدَّى بالباء، والمتعدّى باللام، فالأول يقال للمخبَر به والثاني يقال للمخبِر؛ ولهذا قال: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} ٥ وقال تعالي - عن إخوة يوسف -: {ُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} ٦ وفي هاتين الآيتين لا يصلح دخول الباء عوضاً عن اللام، فلا يقال: (ويؤمن بالمؤمنين) ولا (بمؤمن بنا) ؛ لأنه لا يصح أن يكون فيه

معنى زائد على التصديق من الطاعة والانقياد والإقرار. والأصل أن كل حرف من حروف الجر


١ سورة الشعراء، الآية: ٤٧، ٤٨.
٢ سورة الأعراف، الآية: ١٢٣.
٣ انظر البحر المحيط (٤/ ٣٦٥) ، والدر المصون (٥/ ٤٢١) ففيهما ما قال المؤلف في مرجع الضميرين. ونص أيضاً على ذلك الكرماني في غرائب التفسير (١/ ٤١٨) لكن من غير أن يذكر خلافاً في مرجع الضمير في (به) .
٤ أشار المقرئ الكرماني ـ في غرائب التفسير (١/ ٤٨١) ـ إلى وجود الاختلاف بين اللام والباء.
٥ سورة التوبة، الآية: ٦١.
٦ سورة يوسف، الآية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>