للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الحجرات]

قوله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} ١ معنى الآية {قُولُوا أَسْلَمْنَا} : انقدنا بظواهرنا، فهم منافقون في الحقيقة، وهذا أحد قولي المفسرين - في هذه الآية الكريمة - وأُجيب بالقول الآخر - ورجح - وهو أنهم ليسوا بمؤمنين كاملي الإيمان٢، لا أنهم منافقون، كما نفى الإيمان عن القاتل والزاني والسارق، ومن لا أمانة له. ويؤيد هذا سباق الآية وسياقها، فإن السورة من أولها إلى هنا في النهي عن المعاصي، وأحكام بعض العصاة، ونحو ذلك، وليس فيها ذكر المنافقين. ثم قال - بعد ذلك -: {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً} ولو كانوا منافقين ما نفعتهم الطاعة، ثم قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} ٣ الآية، يعني - والله أعلم - أن المؤمنين الكاملي الإيمان هم هؤلاء، لا أنتم، بل أنتم منفي عنكم الإيمان الكامل. يؤيد هذا أنه أمرهم، أو أذن لهم أن يقولوا: أسلمنا، والمنافق لا يقال له ذلك، ولو كانوا منافقين، لنفى عنهم الإسلام، كما نفى عنهم الإيمان، ونهاهم


١ سورة الحجرات، الآية: ١٤.
٢ ذكر القولين طائفة من المفسرين، منهم ابن جرير في جامع البيان (٢٢/٣١٤-٣١٦) ، وأبو جعفر النحاس في إعراب القرآن (٤/٢١٦) ، والماوردي في النكت (٥/٣٣٧) ، وابن كثير في تفسيره (٤/٢٢٠) .
٣ سورة الحجرات، الآية: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>