وقد اختلف أصحابُ الزهريّ عليه في إسناده. فرواه شعيب بنُ أبي حمزة، عنه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. ورواه يونس بنُ يزيد، وعبد الوهاب بنُ أبي بكر، عنه، عن حميد بن عبد الرحمن، عن معاوية مرفوعًا. وهذا الوجه هو المحفوظ كما جزم به الدارقطنيُّ وغيرُهُ. قال أبو عمرو: وهو اختيار البخاري ومسلم وغيرهما، وانظر سياقه وتخريجه في "المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة"، والحمد لله رب العالمين) (ق، حم، يع، الآجري أخلاق العلماء، طح مشكل، قط علل، خط الفقيه، ابن عبد البر الجامع)(تنبيه ١ / رقم ١٠٠).
١٥ - انتقاء الأحاديث في (الصحيحة) أو في (الضعيفة) يكون الاعتماد فيه على الإسناد (٦). وإن كان المتنُ واحدًا أو كادَ. وهكذا العلماء يفعلون، قال السيوطيُّ في ألفيته:((واحملْ مقالَ عُشْرِ ألفِ ألفِ ... أحْوِي عَلَى مُكَرَّرٍ وَوَقْفِ)).
فإن قال البخاري:((أحفظُ مائةَ ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح)). فهذا باعتبار الإسناد لا باعتبار المتن، ومعناه: مائة ألف إسناد صحيح، ومائتا ألف إسناد غير صحيح.
قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في شرحه على الألفية: هو يريد بهذا العدد اختلاف طرق الحديث باختلاف رواته، ويدخل فيه أيضًا الأحاديث الموقوفة، فإنَّ الحديثَ الواحدَ قد يرويه عن الصحابي عددٌ من التابعين، ثم يرويه عن كل واحد منهم عددٌ من أتباع التابعين، ثم يرويه عن كل واحد منهم عددٌ من أتباع التابعين، وهكذا، فيكونُ الحديثُ الواحد أحاديثَ كثيرة متعددة بهذا الاعتبار. اهـ.
(٦) تنبيهٌ: عدلتُ عن هذا؛ وانظر الفقرة التي تليها.