للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العافية، وأن لا يبتليه فأجاب العلماء بأجوبة:-

قال ابنُ حبان في "صحيحه" (٧/ ١٧٩ - ١٨٠): قوله صلى الله عليه وسلم "من أحب أنَّ ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا" لفظة إخبار عن شيء مرادها الزجر عن الركون إلى ذلك الشيء وقلة الصبر على ضده، وذلك أنَّ الله جل وعلا جعل العلل في هذه الدنيا، والغموم والأحزان سبب تكفير الخطايا عن المسلمين، فأراد صلى الله عليه وسلم إعلام أمته أنَّ المرء لا يكاد يتعرَّي عن مقارفة ما نهى الله عنه في أيامه ولياليه، وإيجاب النار له بذلك إن لم يتفضل عليه بالعفو، فكأن كل إنسان مرتهن بما كسبت يداه، والعلل تُكَفِّر بعضها عنه في هذه الدنيا لا أنَّ من عُوفي في هذه الدنيا يكون من أهل النار. اهـ.

قلتُ: كذا أجاب ابنُ حبان - رحمه الله - وهو جوابٌ حسنٌ في الجملة، لكنه لم يرفع الإشكال، وذلك لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال عن الرجل أنه: "من أهل النار" ولفظة "أهل" تدل على الأهلية واللزوم، فظاهر الخطاب يدلُّ على أنَّ الرجلَ من أصحاب النار الماكثين فيها.

والجواب الصحيح عندي في ذلك -والله أعلم- أنَّ هذا الكلام وإن خرج مخرج العام، لكن يُراد به الخصوص، وهذا الحملُ سائغٌ عند جماعة العلماء لفضِّ الإشكال الظاهر بين النصوص، فكان كلام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صادف رجلاً حقت عليه كلمة العذاب، بأن يموت كافرًا، حتى وإن كان يؤدي فرائض الإسلام الظاهرة، وشبيه هذا ما أخرج مسلمٌ (٢٣٨٠/ ٧٢) وغيره من حديث أُبَيّ بن كعب في قصة موسى والخضر - عليهما السلام - في شأن الغلام الذي قتله الخضر. قال الخضرُ: "وأما الغلام فَطبِعَ يوم طبع كافرًا، وكان أبواه قد عطفا عليه، فلو أنه أدرك

<<  <  ج: ص:  >  >>