للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أرهقهما طغيانًا وكفرًا".

ومثل هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الوائدة والموؤدة في النار) , فقد استشكل هذا الحديث رجلٌ من أهل عصرنا، اشتهر بردِّ الأحاديث الصحيحة بالجهل بمعناها، وتقديم الضعيف عليها إذا كان معناها سائغًا عنده، كما صرح بذلك في مقدمة كتابه "فقه السيرة"، فقد ذكر هذا الحديث، ثم قال: "وهو مرفرضٌ مهما كان سنده"!.

فانظر إلى هذه الجرأة البالغة في مخالفة سبيل المؤمنين، لأن جماعة العلماء يقولون: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".

فطوًح الرجل بجهود علماء الحديث، بسبب جهله بمصطلحهم، وليته يقول: "أنا لا أعلم أو يقول: "استشكل معنى الحديث عليَّ"، ويكله إلى عالمه، إذن لحمدنا له صنيعه، لأنه مسلكُ أهل العلم، لكنه يزخرف القول متحاشيًا أن يعترف على نفسه بعدم العلم.

وعلى الأصل الذي ذكرناهُ في أول الكلام ينحلُّ الإشكال.

فإن الوائدة لو دخلت النار، فبسبب ظلمها وقتلها النفس، أما الموؤدة المظلومة فما ذنبها؟ فيحمل الحديث على موؤدة خاصة كانت، كالغلام الذي قتله الخضر، وأنها كانت تكون كافرة لو كبرت، ولو سلَّمنا أنَّ هذا الكلام غير سائغ وهو والله سائغٌ لكان أفضل من ردّ الحديث بالجهل بمعناهُ، بل التوقف فيه أفضل من ردّه، فكيف إذا حملته على أصلٍ معروف عند العلماء؟ فلا شكّ أنَّ هذا أولى.

وكذلك ردَّ الرجل حديث النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لحوم البقر داء" فقال في كتابه الأبتر "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" في الطبعات المتأخرة منه:

<<  <  ج: ص:  >  >>