قال شيخُنا: بنى الترمذيُّ ترجيحَهُ على المعنى، وإلا فحديثُ أبي صالح عن أبي هريرة صحيحٌ قطعًا، وقد صحَّحه الترمذيُّ، مع أن الجمع ممكنٌ بحمل حديث أبي صالح عن أبي هريرة على المُسْتَحِلّ، بدليل:
ما أخرجه مسلمٌ (١١٦/ ١٨٤)، وأحمد (٣/ ٣٧٠ - ٣٧١)، والحاكمُ (٤/ ٧٦)، والطحاويُّ في "المشكل"(١/ ٧٤)، والطبرانيُّ في "الأوسط"(٢٤٠٦)، وأبو نعيم في "الحلية"(٦/ ٢٦١) والبيهقيُّ في "الدلائل"(٥/ ٣٦٤)، وفي "السنن"(٨/ ١٧) من طريق حماد بن زيد، عن حجاج الصواف، عن أبي الزبير، عن جابر ابن عبد الله - رضي الله عنهما -:
أنَّ أبا الطفيل بن عَمرو الدوسيّ أتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله هل لك في حصن حصين ومنعةٍ؟ فأبى ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، للذي ذخر الله للأنصار، فلمَّا هاجر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عَمرو، وهاجر معه رجلٌ من قومه, فاجتووا المدينة، فمرض، فجزع، فأخذ مشاقص له، فقطع بها براجمه، فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بنُ عَمرو في منامه، فرآه في هيئة حسنةٍ، ورآه مغطيًّا يديه، فقال له: ما صنع بك ربُّك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم -. فقال: ما لي أراك مغطيًّا يديك؟ قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت.
فقصَّها على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم وليديه فاغفر).
قال الطبرانيّ:"لم يرو هذا الحديث عن أبي الزبير إلا حجاج، تفرد به حماد". اهـ.
قلتُ: كذا قال! ولم يتفرد به حماد، فتابعه إسماعيل بنُ إبراهيم: ثنا الحجاج بن أبي عثمان، عن أبي الزبير، عن جابر فذكر مثله.