فأعدوا فألحقُ رجلًا منهم، فَأَصُكُّهُ بسهم في نُغْضٍ، قال قلت: خذها وأنا ابنُ الأكوع واليومُ يومُ الرُّضَّعِ، قال: يا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ! أَكْوَعُهُ بُكْرَةً، قال قلت: نعم، يا عَدُو نَفْسِهِ! أَكْوَعُكَ بُكْرَةً، قال: وأَرْدَوْا فرسين على ثَنِيَّة، قال: فجئتُ بهما أسوقُهُمَا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: ولحقني عامرٌ بِسَطِيحَةٍ فيها مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ وَسَطِيحَةٍ فيها ماءٌ، فتوضأتُ وشربتُ، ثم أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الماء الذي حَلأتُهم منه، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ تلكَ الإبلَ وكُل شيءٍ استَنْقَذْتُهُ مِنَ المشركين وكُلّ رُمحٍ وبُردةٍ، وإذا بلالٌ نحرَ ناقةً مِنَ الإبلِ الذي استنقَذْتُ مِنَ القوم، وإذا هو يَشْوِي لرسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ كَبِدِهَا وسَنَامِهَا، قال: قلت: يا رسول الله خَلِّنِي فَأَنتَخِبُ مِنَ القوم مِائَةَ رجلٍ، فأتَّبعُ القومَ فلا يبقى منهم مُخْبِرٌ إلا قَتَلْتُهُ، قال: فضحك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه في ضوء النهار، فقال:"يا سلمة أتراك كنت فاعلا؟ " قلتُ: نعم، والذي أكرمك! فقال:"إنَّهُم الآنَ ليُقْرَوْنَ في أرضِ غَطَفَانَ" قال: فجاء رجلٌ من غطفان، فقال: نحر لهم فلانٌ جزورا، فلما كشفوا جلدها رأوا غبارا، فقالوا: أتاكم القومُ، فخرجوا هاربين، فلما أصبحنا قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كان خيرَ فُرْسَانِنَا اليومَ أبو قتادة وخيرَ رَجَّالَتِنَا سلمةُ" قال: ثم أعطاني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سهمين: سهمَ الفارس وسهمَ