للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإنصاف، ولكنني سأذكر أقوى علَّة أُعلَّ بها الحديث، وهي قول الإمام البخاري، رحمه الله تعالى: محمد بن عبد الله بن الحسن لا يتابع عليه، لا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا؟. اهـ. فالجواب: أن الإمام، رحمه الله، لم ينف السماع، إنما نفى علمه به، فحينئذٍ نقولُ: إن أبا الزناد كان عالم المدينة في وقته، وشهرة ذلك لا تحتاج إلى إثبات، ومحمد بنُ عبد الله بنِ الحسن مدنيٌّ هو الآخر، وقد وثقه النسائيُّ وابنُ حبان، ولا يُعرف بتدليسٍ قطُّ، وكان له مِنَ العُمُرِ قرابة الأربعين عامًا يوم مات أبو الزناد سنة (١٣٠)، وبهذه القرائن يقطع المرءُ بثبوت اللقاء، وقد أصرَّ بعضُهم في نقاش لي معه بعد هذا بعدم السماع، فقلت له: أفما التقيا في المسجد النبويِّ قطّ حيث كانت حلقات العلماء؟ أفما التقيا في صلاةٍ قطّ في هذا المسجد المبارك، ولا حتى في صلاة الجمعة؟ فسكت وأظنه لوضوح الإلزام. أما التفرُّد فإنَّ مُطلق التفرُّد ليس بعلَّةٍ، لا سيما إذا لم يَغْمِز المتفردَ أحدٌ بضعف، ومناقشة هذا الأمر وحده يطول جدًّا، وقد ذكروا أيضًا أن الدارقطنيَّ، قال: إِنَّ الدراورديَّ واسمه عبد العزيز بنُ محمد تفرَّدَ به، عن محمد بن عبد الله بن الحسن. والجواب: أنَّ هذا ليس بعلَّةٍ، ولم يتفرد الدراوردي إلا بالتفصيل، وإلا فقد تابعه عبد الله بنُ نافع الصائغ، فرواه عن محمد بن عبد الله، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا، بلفظ: "يَعْمَدُ أحدُكُم في صلاِتهِ فيبرُك كما يبرُك الجمَلُ". أخرجه أبو داود (٨٤١)، والنسائيُّ (٢/ ٢٠٧)، والترمذيُّ (٢٦٩)، والبيهقيُّ (٢/ ١٠٠)؛ وقال الترمذيُّ: حديثُ أبي هريرة غريبٌ، لا نعرفه مِنْ حديث أبي الزناد إلا مِنْ هذا الوجه. اهـ. قُلْتُ: لعلَّ مقصود الترمذيّ أي بهذا اللفظ، وإلا فحديث الصائغ، إجماله يلتقي مع حديث الدراوردي. وعبد الله بن نافع الصائغ صدوق، في حفظه بعض المقال وكتابُهُ صحيحٌ؛ وروايته وإِنْ كانت مجملة، إلا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>