للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تفصيلَها يعود إلى رواية الدراوردي كما قلتُ. وعامة المعارضين لهذا الحكم، القائلين بتقديم الركبتين قبل اليدين مع ضعف حديث وائل بنِ حُجْر وجميع شواهده لا يعرفون كيف يبرُك البعيرُ، حتى قال بعضُ الباحثين في جزء له حول هذا الحديث: "وبروك البعير معروف عند الجميع، وهو أنه يقدم يديه في البروك قبل رجليه، فإذا قدم المصلي يديه على ركبتيه في السجود، فقد شابه البعير في بروكه شاء أم أبي". اهـ. كذا قال هذا الفاضل أ. ونتساءل: كيف يُقَدِّمُ البعيرُ يديه قبل ركبتيه؟ يداه موضوعتان على الأرض دائمًا، إذ هو يمشي على أربع، فلو كانت يداه مرفوعتان عن الأرض مثل الإنسان لساغ هذا القول، وهذا القول بدهي جدًّا، اضطررت إلي تسطيره اضطرارًا رفعًا للمغالطة، وحينئذ فالصواب أن يقال: إنَّ أوَّلَ ما يصل إلى الأرض مِنَ البعير إذا أراد أن يبرك: ركبتاه وليس يديه، ولأنَّ هذا القول ملزمٌ أرادوا أن يتخلصوا منه، فقالوا: ركبة البعير ليست في يده، إذا فقد سلَّموا أنَّ البعيرَ يبرُك على ركبتيه، ولكنها ليست في يده، هكذا قال ابنُ القيم - رحمه الله - وقال وقولهم: ركبة البعير ليست في يده كلام لا يعقل ولا يعرفه أهل اللغة. اهـ. وتبعه كلُّ مَنْ تكلَّم في هذا الباب، ونحن نُحَكِّمُ بيننا وبينكم أهل اللغة، ونذكر من الأحاديث الصحيحة ما يقنع به كل مُنْصِف. أمَّا أهلُ اللغة: فقال ابنُ سيده في "المحكم والمحيط الأعظم" (٧/ ١٦): وكلُّ ذي أربعٍ رُكْبتاهُ في يديه، وعرقُوباه في رجليه. اهـ. وقال الأزهريُّ في "تهذيب اللغة" (١٠/ ٢١٦): وركبةُ البعير في يده، وركبتا البعير: المفصلان اللذان يليان البطن إذا برك، أما المفصلان الناتئان من خلف فهما العرقوبان. اهـ. وقال ابنُ منظور في "لسان العرب" (١٤/ ٢٣٦): وركبة البعير في يده. اهـ. وتتابعت كتبُ المعاجم على ذلك وفيما ذكرتُه كفاية، فمناط الأمر حينئذ هو "الركبة"، وليس لـ "اليد" -أي: يد البعير- دخلٌ بالبحث أصلًا. أمَّا الأحاديثُ الصحيحة، فمنها ما أخرجه البخاريُّ في "صحيحه"

<<  <  ج: ص:  >  >>