فيها كلامًا طيِّبًا نافعًا، اقتبس بعضه من كلام الإمام الذهبيّ في "تذكرة الحفاظ"، يليق أنْ يُذكر ها هنا، حتى ينتفع به الشباب المتحمس، فكان مما قاله في المقدمة:
فلما قُضِيت الصلاةُ قعد لفيفٌ مِنَ الشباب يتحدثون همسًا، ثم لم يلبثوا إلا قليلاً حتى تحول الهمسُ إلى معركةٍ كلاميةٍ، وتراشُق بسهام الملام. فكان مما سمعتُه مِنْ أحدهم -ويظهر من سياق كلامه أنه ممن يقدم الركبتين في النزول- وأنه قال: لا يُقَدِّمّ اليدين على الركبتين في النزول إلا جاهل، وكيف يجرؤ رجلٌ على نقض ما قاله ابنُ القيِّم في "زاد المعاد"؟ لقد رجَّحَ النزول بالركبتين مِنْ عشرة أوجه! فقال له مخالفه: كيف تصم المخالف بالجهل وفيهم مثل ابن سيِّد الناس، والحافظ، والشيخ الألباني؟ فأجابه: هؤلاء محدثون لا تعلق لهم بالفقه، وبالذات الألباني فإنه هو الذي أحيا هذه المسألة في كتابه "صفة الصلاة". ثم دار كلامٌ لا أحبّ حكايته، فضربتُ عن ذِكره صفحًا، أمَّا مُحَصِّلَتُهُ فَمُحْزِنَة مؤلمة، لقد انتهى شجارُهم هذا إلى فاصل رديء من الشتم للعلماء ومنهم: ابن القيم، والحافظ، وكذا الألباني.
فما تركتُ مقامي حتى تكلّمتُ مع ذلك الشاب النافر بمزيد مِنَ الحكمة والموعظة الحسنة فوجدته حديث عهد بمعرفة كتب السلف، فتدرجت معه، وتبين لي أن أقرانه استنفروه، فنفر وأنَّ فيه اندفاعًا غير حميد، فكلمته طويلاً فكان مما قلته له:
"أما مسألة النزول إلى السجود فلا علاقة لها بالفقه وأصوله، إلا من طرف يسير، وإنما تعلقها بالحديث وأصوله أكثر، فأنت تزري على أمثال هؤلاء السادة الأكابر بقولك "هم محدثون" وكأنها سُبَّة لهم، فبالله عليك ارفق بنفسك، ولا تنظر إليهم النظر الشزر، ولا ترمقهم بعين النقص، ولا تعتقد