للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ غير عِلم، فكثرة الفتوى مِنْ قِلّة التقوى، ولقد كان أبو حصين، وهو مِنْ أجلَّة الناس، ينكر على أهل زمانه -مع علمهم- كثرة الفتوى، ويقول: "إنَّكم لتفتون في المسألة التي لو عُرِضَت على عُمر - رضي الله عنه - لجمع لها أهلَ بدر"!.

وليكن دَيْدَنُك ما فعل أبو مُسلم الخولاني، فإنه كان يقوم الليل فإذا أدركه الإعياء ضرب رجليه، قائلاً: أنتما أحق بالضرب مِنْ دابتي. أيظن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يفوزوا به دوننا، والله لأزاحمَنَّهم عليه حتى يعلموا أنهم خَلَّفُوا من بعدهم رجالاً". أمَّاَ مسألة النزول باليدين أو بالركبتبن فلا تُبطل الصلاة بالنزول بأحدهما كما حققه شيخُ الإسلام ابن تيمية - رضي الله عنه - في "الفتاوى الكبرى".

وهذه الرسالة قد استلَلْتُها لك خاصة، فانظر لما فيها بعين الاعتبار، ثم بادِر إلى تحقيق ما فيها إذ هو الصحيح إنْ شاء الله تعالى.

وقد يفوتُني الشيءُ بعد الشيءِ فيها، وذلك أمرٌ واردٌ، فإني ما قصدتُ أَنْ أتقصّى ذلك، فإنه ليس في مقدوري، ولا يسلم الاستقصاء كل الاستقصاء لأحد، ثم إنَّ المسألة ليست بكل ذاك حتى نقيم الدنيا ونقعدها، فإِنَّ أمَّتَنَا مُفَككة أوصالها منفصمة عراها، فالاختلاف في هذه المسائل الفرعية بهذه الحِدَّة لا يزيد الأمر إلا اشتعالاً، ويجعل خاتمة أمرنا وبالاً، فاللهم وفق إلى العلم النافع والعمل الصالح، ويسر ما عَسُر مِنْ أمرنا، وآتِ هذه الأُمَّةَ أمرَ رُشْدٍ، يُعَزُّ فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر. والحمد لله رب العالمين. اهـ.

وطبع هذا البحث سنة ١٤٠٨ هـ، طبعته مكتبة التوعية الإسلامية بمصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>