فانطلق أَبِي بإسلامِ أهلِ حِوائنا ذلك، فأقامَ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ما شاءَ الله أنْ يُقِيم، ثم أقبل فلمَّا دنا منا تلقيناه، فلما رأيناهُ قال: جئتُكم والله مِنْ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقًّا، قال: ثم قال: إِنَّهُ يأمُرُكُم بكذا وكذا، وينهاكُم عَنْ كذا وكذا، وأَن تُصَلُّوا صلاةَ كذا في حين كذا: فإِذا حَضَرَتِ الصلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أحدُكُم وَلْيَؤُمَّكُم (٣) أكثرُكُم قُرآنًا". قال: فنظروا إلى أهل حِوائنا فما وجدُوا أحدًا أكثرَ مِنِّي قُرآنًا للذي كنتُ أحفظُ مِنَ الرُّكْبَان، فَقَدَّمُونِي بين أيديهم، فكنتُ أُصَلِّي بهم وأنا ابنُ سِت سنين، قال: فكانت عَلَيَّ بُرْدَةً، كنتُ إذا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، قال: فقالت امرأةٌ مِنَ الحَيِّ: ألا تُغَطُّوا عَنَّا أستَ قَارِئِكُم؟ قال: فَكَسَوْنِي قَمِيصًا مِنْ معقد البحرين، فما فَرِحْتُ بشيءٍ أشد مِنْ فَرَحِي بذلك القميص. لفظ الطبراني في الكبير.
قال الحافظُ في الفتح ٨/ ٢٣: يُغَرِّي -بغين معجمة وراء ثقيلة- أي يُلْصَق بِالغِرَاء، ورجَّحَهَا عِيَاض. قوله: تَلَوَّمَ -بفتح أوَّله واللام وتشديد الواو- أي تَنْتَظِر، وإحدى التَّاءَينِ محذُوفَة. قوله: حوائنا -بكسر المهملة وتخفيف الواو والمد-، الحواء هو مكان الحي. قوله: تَقَلَّصَتْ أي انجمعَتْ وارتفعت، وفي رواية أبي داود: تَكَشَّفَت عَنِّي).
(رواه: أيوب بنُ أبي تميمة السختيانيُّ، قال: ثنا عَمرو بنُ سَلِمة أبو يزيد الجَرميّ -
(٣) وانظر أبواب الصلاة والمساجد / باب: مَنِ الأحقُّ بالإمامة؟.