فانطلقنا معه، وكأنَّ الناس لم تُصِبْهم مُصِيبةٌ قبلَ يومَئِذٍ. فقائلٌ يقولُ: لا بأسَ. وقائل يقول: أخاف عليه؛ فأُتِيَ بنبيذٍ فشربه، فخرج من جوفه، ثم أتي بلبن فشربه، فخرج من جرحه، فعلموا أنه مَيِّت. فدخلنا عليه، وجاء الناس فجعلوا يثنونَ عليه، وجاء رجلٌ شابٌّ , فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بِبشرى الله لك مِن صُحبة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وقدَمٍ في الإسلام ما قد علمتَ، ثم وليتَ فعدَلتَ، ثم شهادة. قال: وَدِدتُ أنَّ ذلك كفافٌ لا عليَّ ولا لي، فلما أدبرَ إذا إزارُه يَمَسُّ الأرضَ، قال: رُدُّوا عليَّ الغلامَ. قال: يا ابنَ أخي ارفَع ثوبَك، فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك. يا عبد الله بنَ عُمر انظَر ما عليَّ مِنَ الدَّين؟ فحسبوه، فوجدوه ستةً وثمانين ألفًا، أوْ نحوَه. قال: إن وَفَّى له مالُ آلِ عُمر فأدِّه مِن أموالهم، وإلا فَسَل في بني عَدِيّ بن كعب، فإن لم تفِ أموالُهم، فسل في قريشٍ ولا تَعدهم إلى غيرهم، فأدِّ عنِّي هذا المال. انطلق إلى عائشة أمِّ المؤمنن، فقل: يقرأ عليك عُمر السلامَ -ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليومَ للمؤمنينَ أميرًا- وقل: يستأذن عُمر بنُ الخطاب أن يُدفَنَ مع صاحبَيهِ. فسلَّم واستأذنَ ثم دخل عليها فوجدها قاعدةً تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر ابنُ الخطاب السلامَ، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه. فقالت: كنتُ أريدُهُ لنفسي، ولأُوثِرَنَّه به اليومَ على نفسي. فلما أقبل قيل: هذا