للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فظاهرٌ مِنْ هذه العبارة أنه يُوَهِّمُ أبا أسامة، حيث صرَّح بالتحديث ما بين الأعمش وأبي صالح، واستدلَّ لذلك أنَّ أصحاب الأعمش رووه بالعنعنة، وما ينبغي أن تكون هذه عِلّةً قطُّ، إلا أن يكون الذي زادَ التصريحَ بالتحديث مثلُ أسباط ابنِ محمد؛ أمَّا أبو أسامة، فإنه ثقةٌ ثبتٌ حافظٌ، وإذا زادَ مثلُهُ زيادةً فينبغي أَنْ تُقْبَلَ، وقد سُئِلَ أحمدُ عن أبي أسامة، فقال: "كان ثبتًا، ما كان أثبتُه، لا يكاد يخطيء"، وقيل له: "أبو عاصم النبيل وأبو أسامة أيهما أثبتُ في الحديث؟ فقال: أبو أسامة أثبت مِنْ مائة مثل أبي عاصم، كان أبو أسامة صحيحَ الكتابِ، ضابطًا للحديث، كيِّسًا، صدوقًا". وناهيك بمثل هذا مِنَ الإمامِ أحمد، وأبو عاصم: ثقةٌ ثبتٌ. ولا أعلمُ في أبي أسامة مغمزًا أذكُرُهُ إلا ما ذكره الأزديُّ عن سفيان بنِ وكيعٍ، وقد أجبتُ عنه في بذل الإحسان ٥٢ فاطلبه هناك.

أمَّا أسباط بنُ محمدٍ، فوثَّقَهُ: ابنُ معين ويعقوب بنُ شيبة، وقال النسائيُّ: ليس به بأس. ولكن قال العقيليُّ: "ربما يهم في الشيء". وقال ابنُ سعد: "كان ثقةً صدوقًا، إلا أن فيه بعضُ الضعف". وسُئِلَ ابنُ المبارك عنه، فقال: "أصحابُنَا لا يرضونه". وذكر ابنُ معين أنَّ الكوفيين يُضَعِّفُونه. فلو لم يكن في الحديث إلا غلطُ أبي أسامة أو أسباط بنِ محمد، لكان إلصاقُهُ بأسباطٍ أولى باتفاق أهل المعرفة، فلماذا لا يُقالُ: قصَّر أسباطٌ في الإسناد ولم يضبطه، وغير مستبعدٍ منه ذلك؛ وكأنه لم يعبأ الحافظُ ابنِ حجر بمثل هذا التعليل، فقال في الفتح ١/ ١٦٠: "فانتفت تهمةُ تدليس الأعمش".

فإن قيل: إنَّ الترمذيُّ - رحمه الله - رجَّح روايةَ أسباط بنِ محمد، لأنَّهُ وقعتِ الواسطةُ بين الأعمش وبين أبي صالح في بعض الأسانيد؟ قلتُ: نعم!

فأخرج الطبرانيُّ في الأوسط ١٣٣٢ من طريق الحكم بنِ فُضيل، عن

<<  <  ج: ص:  >  >>