إنما وصله فُلَيح بنُ سليمان، وقد اختلف فيه أهلُ العلم. فقد ضعَّفه النسائيُّ في رواية، وقال مرَّةً هو وابنُ معين وأبو حاتم: ليس بالقويّ. وضعَّفه أيضًا أبو زرعة والحاكم أبو أحمد وغيرهم. ومشَّاه الدارقطنيُّ وابنُ عديّ وغيرهما.
فمثله يُتوقف في قبول زيادته على أقل تقدير، فالذي يترجَّح لديَّ أنَّ سند هذا الحديث ضيعفٌ لانقطاعه، ورواية فليح معلَّة بالمخالفة، وما ذكرتُهُ من الترجيح أشبه بطريق المحدثين. ومذهب النووي - رحمه الله - أنه يقبل زيادة الثقة بإطلاق، وهو مذهبٌ ضعيفٌ عند المحدثين، إنما يقول به من لم يتمهَّر في هذا الفن مثل سائر الفقهاء، ومن الغرائب أنَّ النووي وافق الدارقطنيّ على إعلال زيادة:"وإذا قرأ فأنصتوا" برغم أنَّ مسلمًا رواها في "صحيحه" وصحَّحَها نصًّا، وقال لسائله:"هل تريد أوثق من سليمان التيميّ؟ " وكان المتبادر أن يعارض النوويُّ الدارقطنيَّ، فأمَّا أولًا: فلأنَّ الحديث في "صحيح مسلم". وثانيا: إنَّ من مذهب النووي قبول زيادة الثقة بإطلاق، وسليمان التيميّ ثقةٌ ثبتٌ حافظٌ، أمَّا فليح بن سليمان، والذي مشى النوويُّ زيادته هنا فقد ضعَّفه غيرُ واحدٍ. وقد وجدتُ له طريقًا آخر ... -ذكرتُه في الفصل التالي-).
(تخريج حديث مالك وابن عُيَينة: ط، ابن وهب، م، نعيم، د، س، ت،
= اعتبار هذا الكلام يهدرُ الخلاف القائم ويسوي بين رواية مالك ومُخالفه، وليس بصحيح، مع أنَّ الحديث صحيحٌ لوجود طرق أخرى له، ولله الحمدُ. اهـ. وقال في الديباج ٢/ ٢٦٤: قال السيوطي: هذه الرواية مرسلة. قلتُ: وقيل هذا محمولٌ على أن عبيد الله سمعه من أبي واقد، فأدَّاهُ على هذه الصيغة، ولم يقصد الرواية عن عُمر، فلا معنى لذكر الإرسال. وهذا القول ضعيفٌ. اهـ.