وكم سلك الحفاظُ المتقدمون والمتأخرون هذا السبيل في نفيّ الشذوذ عن رواية المخالف للجماعة إذا كان من الأثبات.
وإنما قلتُ فيما تقدَّم: إن الأشبه بالأصول أن تكون رواية محمد بنِ بشر شاذة، بمعنى أنَّ القاعدةَ الكلية التي وضعها علماء الحديث في تعريف الحديث الشاذ قاضية على رواية ابن بشر بالشذوذ، ومع ذلك فهذه القاعدة تتخلف أحيانًا، مما يدلُّ على أنَّ الحديث الشاذ ليس له حدٌّ قاطعٌ لا يُتجاوز، فأحيانًا يرجحون رواية الواحد على الجماعة، وكثيرًا يحملون الروايتين على محامل مقبولة، كهذا القول الذي ذكرته في التوفيق بين رواية الجماعة ورواية محمد بن بشر؛ والعمدة في ذلك على كثرة النَّظر، وملاحظة تصرُّف العلماء الحذاق، مع إدمان للطلب وجودة قريحة. وبالجملة الكلام في الشذوذ أشد من المشي على حدِّ الموسى.
فلستُ أدري -والأمرُ كذلك- كيف كثر "الغلمان المحققون" الذين أعلُّوا جملةً وافرةً من أحاديث الصحيحين بالشذوذ فضلًا عن غيرهما.؟! ويا ليتهم إذ أعلُّوا سُبِقوا، ولكنهم ما سبقوا إلى ذلك من الحفاظ والنقاد. وليت لهم من التحصيل وطول العمر وشهادة العلماء لهم بالأهلية ما يعينهم على ذلك، فلله الأمرُ من قبل ومن بعدُ).
(ابن أبي حاتم، يع، البزار، الخرائطي، ابن شاهين أفراد، أبو طالب العشاري، ابن الأعرابي، طب أوسط، خط، الضياء، الذهبي سير)(حديث الوزير / ٩١ - ٩٥ ح ٥٠؛ تنبيه ٧ / رقم ١٦٨٣).
٩٣٠/ ٣ - (إِنَّ الله اصطفى كِنَانَةَ مِنْ وَلَد إسماعيل، واصطفى قريشًا مِنْ كِنَانة، واصطفى مِنْ قريش بني هاشم، واصطفاني منْ بني