الحرب أو السلم وإنحاز المعاهدات، فإنهم لم يطلعوا عليها، خاصة وأنه لا توجد في جوارهم شعوب على دين موسى أو عيسى، بل وأنهم لم يطلعوا حتى على المعنى الحقيقي لهذه الآيات القرآنية التي تقول:{وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان وقد جعلتم الله عليكم كفيلا}(٢).
كما انهم يجهلون حديث الرسول الذي يؤكد أن كل عداوة ينبغي أن تنتهي بعد السلم. وأن احترام أملاك الأعداء يصبح بعد ذلك واجبا كما يجب إعطاء هذه الأملاك نفس الامتيازات التي تحظى بها أملاك المؤمنين. وأخيرا، فإنهم لا يولون أي اعتبار لغير ذلك من المبادىء التي تهدف إلى المحافطة على الجنس البشري وتحسين مصيره، وصيانة ما يسعى، عموما في أوروبا، بحرية الشعوب أو الحقوق الاجتماعية.
ومن المعلوم أننا بهذه المبادىء الأخلاقية التي هي أساس مؤسساتنا، قد صنعنا كثيرا من المعجزات وكسبنا العديد من الأنصار. وبفضل هذه الوحدة وباتباع هذه السياسة سيطر الفاتحون على جزء كبير من العالم كما يعلمنا بذلك جميع المؤرخين.
وعلى الرغم من أن الخلفاء لم يطبقوا هذه المبادىء الطيبة، وانقلبوا إلى ملوك متجبرين على الشعوب، فإننا لا نكذب في صحة مؤسساتنا الدينية. ولقد رأينا أن هؤلاء الملوك، عندما يحيدون عن هذه المبادىء، كثيرا ما يخفقون في مشاريعهم قبل تحقيق أهدافهم الحكومية التي يصبون إليها.
ومنذ ذلك الحين احتفظت هذه القبائل التي ظلت تعيش في جهل