وفي صباح كل يوم كان هؤلاء الأجناد يعودون إلى مراكزهم.
لقد لاحظ باي قسنطينة على الآغا بأن تنظيم الجيش هذا لا يسمح بأي أمل في النجاح. وفي حالة ما إذا سار الجيش الفرنسي نحو مدينة الجزائر، فإن انسحابنا سيكون دليلا لها. وحسب رأيه، فإننا لن نكون قادرين على صده ولا على مقاومته. كما أشار، كذلك، إلى أنه ليس من السياسة في شيء أن تجمع قواتنا في نقطة واحدة، وإن من الواجب توزيعها بحيث يحمل جزء منها إلى غربي سيدي فرج، ومعنى ذلك أن الفرنسيين إذا لاحقونا، فإنهم سيبتعدون عن هدفهم الذي هو مدينة الجزائر، وسيكون ذلك لصالحنا، إذ نستطيع أن نبدأهم بالهجوم. وإذا قصد الفرنسيون الجزائر دون أن يهاجموننا، فإننا عندما سنكون أقوى وأقدر على الدفاع عن أنفسنا والانتصار عليهم.
واقترح، أيضا، أن يتولى كل قائد الاعتناء بجزء من الجيش. وكان مقر القيادة الذي وقع عليه اختيارنا هو الدار البيضاء التي تفصلها عن سطاولي مسيرة أربع ساعات. وعن كل هذه الملاحظات كانت إجابة الآغا كالآتي:
(إنكم لا تعرفون التكتيك الأوروبي، إنه يتعارض كل المعارضة مع تكتيك العرب). ورأى باي قسنطينة في هذه الإجابة البليدة إهانة له، لذلك التزم الصمت ولمي يسمح لنفسه بإبداء أية ملاحظة أخرى (١٠).
كنت بنفسي عشية الاستيلاء على سطاولي، عند الآغا للتعرف على الأوضاع فتعشيت معه، ومع باي قسنطينة وباي التيطري، وخليفة باي
(١٠) حول هذه القضية أنظر مذكرات الباي أحمد، فإنها تشتمل على كثير من التفاصيل.