لقد كنت، ذات ليلة، في وسط معسكره، واحتجت إلى بعض الأشياء وبدلا من إرسال أحد الخدم توجهت بنفسي إلى خيمة. فقطعت المعسكر ودخلت إليه ثم أخذت ما جئت من أجله دون أن يشعر بي أحد لأن الجيش كله كان في نوم عميق، ولم ألآقي في طريقي أي حارس يسهر على حماية المعسكر من هجوم الأعداء.
نرى من خلال كل ما تقدم فرقا كبيرا بينه وبين سابقه يحيى آغا من حيث الوسائل العسكرية والإدارية التي كانت لكل منهما.
لقد تعودت كلما رجع يحيى آغا من الحرب أن أذهب للقائه في متيجة حيث أقضي معه يوما كاملا. وأتذكر، آنذاك على الرغم من أن الوقت كان سلما، فإن جيشه كان أحسن تجهيزا وأكثر تنظيما، كما أنه كان أكثر عددا من الجيش الذي نظمه إبراهيم آغا لمحاربة الفرنسيين. لقد كان من العادة أن يدرب مدفعيته يوميا، وأن يستعد للدفاع كما لو كان العدو سيهاجمه.
لقد كانت مراكز معسكره في يقظة دائمة: فهناك مركز يكلف بحراسة المعسكر عامة وهناك آخر خاص بالسهر على دخول الخيل وخروجها، وأخيرا هناك ثالث يحيط بخيمته، ويتكون من ثمانية رجال في الخارج واثنين في الداخل وواحد عند الباب، وفي كل نصف ساعة كان حارس باب الخيمة يطلب من حارس الخارج أن يجيبه بالإشارة المتفق عليها، ثم يتوجه حارس الخارج بنفس الطريقة إلى حارس الخيل ثم إلى حارس المدفعية، فحارس المدفعية العام وهلم جرا، بحيث أن المعسكر كان محروسا كأحسن ما يكون.
وعندما فقدت الإيالة يحيى آغا تنبأ كل عاقل بانهيار الجزائر، ولم يوافق أحد على الحادث وحتى لو كان مذنبا؛ فإنه ما كان ينبغي أن يستبدل بإبراهيم