الدرك كلما أراد الخروج من داره (١). ويوجد حمدان آغا، الآن في باريس، وقد أعطاه الجنرال كلوزيل شهادة تثبت بأنه خدم القضية الفرنسية بإخلاص ونجاح. فلماذا عزل إذن؟ ولماذا كل ذلك التشكيك العجيب في سيرته؟ لماذا استبدل بحاكم آخر؟ وإن سلطات الحاكم الجديد لا تتعدى حدود المتيجة. فيا لها من إدارة طائشة؟! يستعمل أحد أبناء البلد كل سمعته ونفوذه وثروته لخدمة القضية الفرنسية. وعندما يقدم خدمات جليلة يعزل! يعلن عن إلغاء الضرائب ثم يكلف ابن عمر باي ويؤمر بجمع تلك الضرائب في المدية على الطريقة التي كانت تجمع بها في عهد الأتراك، وذلك بعد أن نشر الجنرال يوسف، بأمر من الجنرال المذكور بيانا يؤكد إلغاءها، يا لها من تناقضات عجيبة! ومع ذلك يبدو لي أن هذا الجنرال كان يجب أن يكون صادق الوعد لأنه يمثل ملك الفرنسيين في مملكة الجزائر.
وإذن، فقد وجد ابن عمر نفسه في حيرة إزاء سكان المدية، فالذين كانوا خارج المدية، رفضوا أن يدفعوا، ولم يكن يملك الوسائل لإرغامهم. إذ لم يترك له سوى مدفعين وقليل من البارود. ولقد كان من الممكن أن يذهب ابن عمر ضحية لو لم يساعده بعض المغتربين من مدينة الجزائر الذين هاجروا إلى المدية. إنه لم يكن قادرا على الاعتماد على سكان المدينة الأخيرة، التي لم تستسلم للفرنسيين إلا منذ مدة قصيرة، ثم إن هؤلاء السكان كانوا يخشون البدو أكثر مما يخافون السلطة الفرنسية. إن هجوم هؤلاء البدو شديد، ومن الصعب أن يقاومو عندما يهيجون. لقد كانوا يهاجمون الجزائر من حين لآخر، ولولا وجود الجيش الفرنسي ومدفعيته لقتل الجزائريون عن آخرهم،