للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي زمن الطاعون (٧) كان لإدارة بيت المال نشاط يفوق نشاط جميع الإدارات الأخرى، فهي التي تقوم بإحصاء الموتى وتعمل على تجنب الفوضى التي قد تتسبب فيها كثرة الوفيات كما أنها هي التي تتولى التركات المهملة وتقوم بعمليات الميراث .. الخ.

وعندما كان الغزو الفرنسي استولى الفرنسيون على صندوق بيت المال الذي كان يحتوي على مبالغ هائلة (٨) كما إنهم استولوا على الودائع الخاصة التي كانت فيها، وبذلك صار الصندوق في عجز كبير.

وعلى أثر هذا الغزو، ومنذ أن طرد الأغنياء، صار دخل بيت المال في نقصان كبير، وكيف يمكن لهذه الإدارة أن تسترجع دخلها العادي إذا كانت تركة الشخص الميت بالوقت الحاضر سواء كان له ورثة أم لا، لا تكفي إلا لدفع مصاريف دفنه؟ بل إنني أعتقد جازما أن رئيس بيت المال حاليا، وهو جزائري ; يدفع أموالا طائلة من عنده لدفن الفقراء كتسبيق للصندوق مثلما تعود أن يفعله سابقوه. ولكن الراجح هو أن هذا الرئيس إنما يقصد بتصرفه عمل الخير لأن تصرفاته كانت دائما هي تصرفات الإنسان السخي المحسن.

والملاحظة هو أنه لا يمكن التصرف في الأموال المودعة في خزينة بيت المال لأنها لأشخاص مختلفين من الخواص وفي عهد الأتراك كانت هذه المودعات


(٧) آخر طاعون أصاب الجزائر المستقل هو ذلك الذي ظهر سنة ١٨١٧ ولم يختف إلا سنة ١٨٢٢. وقد قضى على حوالي سدس سكان الإيالة.
(٨) تقدر تلك المبالغ بحوالي مائة مليون من الفرنكات , ويقال إنها نقلت إلى لندن حيث تقاسمها لويس قليب وتاليران وبعض أعونهما.

<<  <   >  >>