الله ﷾ هو المنفرد بالخلق والاختيار من المخلوقات، قال الله تعالي "وربك يخلق ما يشاء ويختار" والوقف التام على قوله "ويختار" ويكون قوله: "ما كان لهم الخيرة" نفيًا أي ليس هذا الاختيار لهم بل هو إلى الخالق وحده فكما أنه المنفرد بالخلق فهو المنفرد بالاختيار منه فليس لأحد أن يخلق ولا أن يختار سواه فإنه سبحانه أعلم بمواقع اختياره ومحال رضاه وما يصلح للاختيار مما لا يصلح له، وغيره لا يشاركه في ذك بوجه.
وإذا تأملت أحوال هذا الخلق رأيت هذا الاختيار والتخصيص فيه دالاً على ربوبيته تعالى ووحدانيته وكمال حكمته وعلمه وقدرته وأنه الله الذي لا إله إلا هو فلا شريك له يخلق كخلقه ويختار كاختياره ويدبر كتدبيره
فخلق الله السموات سبعا فاختار العليا من فجعلها مستقر المقربين من ملائكته واختصها بالقرب من كرسيه ومن عرشه وأسكنها من شاء من خلقه
ومن هذا تفضيله سبحانه جنة الفردوس على سائر الجنان وتخصيصها بأن جعل عرشه سقفها ومن هذا اختياره من الملائكة المصطفين منهم