قوله تعالى:"ادعوا ربكم تضرعًا وخفية" يتناول نوعي الدعاء دعاء العبادة ودعاء المسألة لكنه ظاهر في دعاء المسالة متضمن دعاء العبادة ولهذا أمر بإخفائه وإسراره.
وفي إخفاء الدعاء فوائد عديدة: أحدها: أنه أعظم إيمانًا لأن صاحبه يعلم أن الله تعالى يسمع دعائه الخفي وليس كالذي قال: إن الله يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا.
"ثانيها" أنه أعظم في الأدب والتعظيم ولهذا لا تخاطب الملوك ولا تسأل برفع الأصوات وإنما تخفض عندهم الأصوات .. ولله المثل الأعلى فإذا كان يسمع الدعاء الخفي فلا يليق بالأدب بين يديه إلا خفض الصوت به.
"ثالثها" أنه أبلغ في التضرع والخشوع الذي هو روح الدعاء ولبه ومقصوده. فإن الذليل الضارع إنما يسأل مسألة مسكين ذليل قد انكسر قلبه. وذلت جوارحه وخشع صوته .. فقلبه قلب سائل طالب مبتهل ولسانه لشدة ذله وضراعته ومسكنته ساكت وهذه الحالة لا يتأتى معها رفع الصوت بالدعاء أصلاً.