التأمل في القرآن: تحديق ناظر القلب إلى معانيه، وجمع الفكر على تدبره وتعقله، وهو المقصود بإنزاله، لا مجرد تلاوته بلا فهم ولا تدبر، قال الله تعالى:(كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب)[ص: ٢٩] وقال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)[محمد: ٢٤] وقال تعالى: (أفلم يدبروا القول)[المؤمنون: ٦٨] وقال تعالى (إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون)[الزخرف: ٣]
وقال الحسن: نزل القرآن ليتدبر ويعمل به، فاتخذوا تلاوته عملا.
فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن، وإطالة التأمل فيه، وجمع الفكر إلى معاني آياته، فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما، وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما، ومآل أهلهما، وتتل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتشيد بنيانه وتوطد أركانه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، وتبصره مواقع العبر، وتشهده عدل الله وفضله، وتعرفه ذاته، وأسماءه وصفاته وأفعاله، وما يحبه وما يبغضه، وصراطه الموصل إليه، وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه، وقواطع الطريق وآفاتها، وتعرفه