وكان يمر بالآية في ورده بالليل فتخنقه العبرة فيبقى في البيت أياما ويعاد، ويحسبونه مريضا، وكان في وجهه ﵁ خطان أسودان من البكاء.
وقال له ابن عباس، مصر الله بك الأمصار، وفتح بك الفتوح، وفعل، فقال: وددت أني أنجو لا أجر ولا وزر.
وهذا عثمان بن عفان ﵁ كان إذا وقف على القبر يبكي حتى تبتل لحيته، وقال: لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي، لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير.
وهذا علي بن أبي طالب ﵁ وبكاؤه وخوفه، وكان يشتد خوفه من اثنتين: طول الأمل، واتباع الهوى، قال: فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، ألا وإن الدنيا قد ولت مدبرة، والآخرة قد أسرعت مقبلة، ولكل واحدة بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.