البخارى ومسلم من حديث أبى شريح العدوى رضى اللَّه عنه قال: قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الغد من يوم الفتح فقال قولا: سمعته أذناى ووعاه قلبى وأبصرته عيناى حين تكلم به: حَمِدَ اللَّه وأثنى عليه ثم قال: "إن مكة حرَّمها اللَّه ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن باللَّه واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يَعْضُدَ بها شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها فقولوا له: إن اللَّه قد أذنَ لرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يأذن لكم، وإنما أذِنَ لى فيها ساعةً من نهار، وقد عادت حرمَتُها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب" والمنهى عن قطعه من شجر الحرم أو حشيشه هو ما لم يستنبته الناس، وأما ما غَرس الناس أو زرعوه فهو لهم وكذلك يجوز أخذ ما يبس من نبات الحرم، ولو قُلع شجر الحرم بغير فعل آدمى جاز الانتفاع به، وهذه الأوامر النبوية لتقرير وتأكيد أن الحرم منطقة أمان وأرض سلام للإِنسان والحيوان والطير وحتى الأشجار والنبات. وقد أشار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أن أرض الحرم لم تكتسب هذه المزية، ولا نُزلت هذه المنزلة بفعل إنسان ولم يكن تحريمها فى عصر دون عصر بل هى حرام بحرمة اللَّه تعالى يوم خلق السموات والأرض ولذلك أشار اللَّه تبارك وتعالى إلى امتنانه على قريش بتأمينهم فى هذا الحرم الآمن حتى فى عصر الجاهلية قبل الإسلام دين السلام وفى ذلك يقول الرب تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ