الرواية الثانية، وكون هذا الحديث روى عن أبى هريرة موقوفا ومرفوعا فإن ذلك لا يضر. قال النووى: ذكره مسلم موقوفا على أبى هريرة ومرفوعا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد سبق أن الحديث إذا روى موقوفا ومرفوعا حكم برفعه على المذهب الصحيح لأنها زيادة ثقة. ثم قال النووى: ومعنى هذا الحديث الإِخبار بما يقع من الناس بعده -صلى اللَّه عليه وسلم- من مراعاة الأغنياء فى الولائم ونحوها وتخصيصهم بالدعوة وإيثارهم بطيب الطعام ورفع مجالسهم وتقديمهم وغير ذلك مما هو الغالب فى الولائم واللَّه المستعان اهـ. وقال الحافظ فى الفتح: وأول هذا الحديث موقوف ولكن آخره يقتضى رفعه. ذكر ذلك ابن بطال قال: ومثله حديث أبى الشعثاء أن أبا هريرة أبصر رجلا خارجا من المسجد بعد الأذان فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم. قال: ومثل هذا لا يكون رأيا. ولهذا أدخله الأئمة فى مسانيدهم انتهى. اهـ.
وقوله فى الحديث "ومن لم يجب الدعوة فقد عصى اللَّه ورسوله" صريح فى وجوب إجابة من دعى إلى وليمة العرس، وقد أشرت فى بحث الحديث السابق إلى أن من علم أن هذه الوليمة تقترن بالمعاصى فإنه لا يجب عليه الإجابة لها. لكن من علم من نفسه قدرة على إنكار المنكر وتغييره فإنه يحضر لذلك. وقد قال البخارى (باب هل يرجع إذا رأى منكرا فى الدعوة؟ ) ورأى ابن مسعود صورة فى البيت فرجع ودعا ابنُ عمرَ أبا أيوب فرأى فى البيت سترا على الجدار فقال ابن عمر: غَلَبَنَا عليه النساء، فقال: من كنتُ أخشى عليه فلم