وقد كانت هذه الزخرفة وهذه العناية بالألفاظ أكبر همِّي أولاً حتى لقد كنت أحسب البراعة في الكتابة بمقدار ما فيها من رنَّة موسيقية، لا بمقدار ما فيها من أفكار، ولا أبالي بنقد الناقدين لهذه الطريقة اللفظية الجوفاء، ولا أقيم له وزناً، كما أن إخواننا هؤلاء لا يبالون (كما أقدِّر) بهذه الكلمة مني، ولا يقيمون لها وزناً!
بقي عليَّ كلمة واحدة وهي:
إن كثيرين من الكتاب يميلون إلى معرفة آراء الناس بكتاباتهم ويهتمُّون بهذه الآراء جداً، حتى أنها لتشجعهم إذا كانت حسنة وتذهب عزائمهم إذا كانت سيئة، وهؤلاء الكتاب يخسرون كثيراً من مواهبهم، وينحطُّون عن المنزلة التي وضعهم فيها الله، يوم جعلهم كتَّاباً واختارهم لتبليغ رسالة القرون الآتية، فلا تعتادوا هذه العادة ولا تبالوا بأذواق الناس إذا خالفت أذواقكم، ولكن استمعوا إلى نقدهم إذا كان يستند إلى أساس علمي صحيح. أما إذا استند إلى الذوق وحده فلا .. ولو كان ذوق أستاذكم.