المبحثُ الأولُ أبو عمرٍو الدانيُّ وكتابُهُ «التّيسيرُ»
هو: الإمامُ العلامةُ شيخُ مشايخِ المقرئينَ عثمانُ بن سعيدِ بن عثمانَ بن سعيدِ بن عمرَ, أبو عمرٍو الدانيُّ الأمويُّ مولاهم القرطبيُّ، المعروفُ في زمانِهِ بابنِ الصَّيْرَفِيِّ، المالكيُّ، وُلد سنةَ إحدى وسبعينَ وثلاثِ مئةٍ, أحدُ الأئمةِ في علومِ القرآنِ ورواياتِهِ وتفسيرِهِ ومعانيه وطرقِهِ وإعرابِهِ، وأحدُ حُفّاظِ الحديثِ، وله معرفةٌ به وبطرقِهِ وأسماءِ رجالِهِ ونَقَلَتِهِ؛ فهو مُحدِّثٌ مكثرٌ، ومقرئٌ متقدِّمٌ، سمع بالأندلسِ والمشرقِ، وجمع في ذلك كلِّهِ تواليفَ حسانًا مفيدةً، وكان حسنَ الخطِّ جيدَ الضبطِ، من أهلِ الذكاءِ والحفظِ والتفنُّنِ في العلمِ، دَيِّنًا فاضلاً ورعًا سُنّيًّا، قال الذهبيُّ: إلى أبي عمرٍو المنتهى في تحريرِ علمِ القراءاتِ وعلمِ المصاحفِ مع البراعةِ في علمِ الحديثِ والتفسيرِ والنحوِ وغيرِ ذلك. قال بعضُ الشيوخِ: لم يكنْ في عصرِهِ ولا بعدَ عصرِهِ أحدٌ يضاهيه في حفظِهِ وتحقيقِهِ، وكان يقولُ ما رأيتُ شيئًا قطُّ إلا كتبتُهُ، ولا كتبتُهُ إلا حفظتُهُ، ولا حفظتُهُ فنسيتُهُ، وكان يُسألُ عن المسألةِ مما يتعلّقُ بالآثارِ وكلامِ السلفِ فيوردُها بجميعِ ما فيها مسندةً من شيوخِهِ إلى قائلِها.
أخذ القراءةَ عن أبي القاسمِ خلفِ بن إبراهيمَ بن خاقانَ المصريِّ، وأبي الحسنِ طاهرِ بن عبدالمنعمِ بن غَلبونَ الحلبيِّ، وأبي الفرجِ محمدِ بن عبداللهِ النجادِ، وأبي الفرجِ محمدِ بن يوسفَ بن