جاءت غالب أحاديث الإقطاع من طريق تميم الدَّاري صاحب القصة، وبعضها من طريق أخيه أو ابن عمه أبي هندٍ الدَّاري - رضي الله عنهم -، بالإضافة إلى بعض المراسيل والأحاديث المقطوعة كما سأبين. أما أحاديث تميم فقد جاءت من طُرق؛ ابن سيرين، وسِماعة، وراشد بن سعد، وعكرمة مولى ابن عباس. وحديث ابن سيرين عن تميم هو أرجاها وأمثلها على ضعفٍ فيه: وقد أخرجه: الطَّبراني في «معجمه الكبير» ٢/ ٥٨ رقم (١٢٧٩)، ورواه ابن حجر في هذا الجزء من طريق الطبراني، وأخرجه كذلك ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١١/ ٦٨ من طريق الطبراني أيضاً، وحديث الطبراني قال عنه الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٦/ ٨: ورجاله ثقات، وهذه آفة من يحكم على الحديث من خلال إسناده فحسب، إذ إنَّ ابن حجر ذكر أنَّ هناك انقطاعاً بين ابن سيرين وتميم راوي الحديث، واستدل على ذلك باستدلال متين وموفق، ستراه في موضعه من هذا الجزء. ومع ذلك فلا يُسلَّم قوله: ورجاله ثقات، إذ إنَّ فيه الأشعث بن سوّار، وهو رجلٌ ضعيفٌ، ضعَّفه ابن معين كما في «التاريخ» له: ٤/ ٨١ رقم (٣٢٣٠)، والنَّسائي في «الضعفاء» رقم (٥٨)، والدَّارقطني في «الضعفاء والمتروكون» رقم (١١٥)، وضعفه ابن حجر كذلك في «تقريب التهذيب» ١١٣ طبعة عوامة، بل إنَّ الهيثمي نفسه قد ضعفَّه في أكثر من موضع في كتابه، فقال عقب ذكره لحديث: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أشعث بن سوار، وهو ضعيف «مجمع الزوائد» (١/ ٢٣٤)، وقال في ٢/ ٦٣: وفيه أشعث بن سوار، ضعفَّه جماعة ن وقال في ٢/ ٢٤٠: ضعفَّه أحمد وجماعة. وبهذا يتبيَّن أنَّ في هذا الحديث الذي يُعدُّ من أقوى أحاديث المسألة ضعفاً من خلال رواته، وذلك بضعف أشعث بن سوَّارٍ، والانقطاع بين ابن سيرين وتميم، ووجود واحدة من هذه العلل كفيل بأن ينزل الحديث من درجة الصحة، وبالتالي الاحتجاج به، فكيف بوجودهما معاً؟ ! أما طريق سِماعة فقد رواها أبو عُبيد القاسم بن سلام في كتاب «الأموال» ٢٨٨ رقم (٦٣٨)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١١/ ٦٧، وسماعة هذا شبه مجهول إذ ذكره ابن حِبان في «الثقات» (٦/ ٤٣٦)، وقال: شيخ، يروي عن عمر بن مرَّة، روى عنه